للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: لا يجوز الحباء مطلقًا، ويفسد المهر، وتستحق مهر المثل: وهو مذهب الشافعي.

قلت: الراجح أن المرأة تستحق ما يذكر قبل العقد من صداق أو حباء ولو كان ذلك الحباء مذكورًا لغيرها كأبيها أو غيره، وأما ما يذكر بعد العقد فهو لمن جُعل له سواء كان وليًّا أو غيره، لأجل الحديث المتقدم، والله أعلم.

* جهاز العروس، على مَن يجب؟

الجهاز -بفتح الجيم، والكسر لغة قليلة-: اسم لما تُزفُّ به المرأة إلى زوجها متاع وأثاث وفراش لمنزل الزوجية.

وقد ذهب جمهور العلماء، منهم: أبو حنيفة والشافعي وأحمد وابن حزم وغيرهم (١)، إلى أنه لا يجب على المرأة أن تتجهز بمهرها أو بشيء منه أو من غيره وعلى الزوج أن يُعِدَّ لها المنزل بكل ما يحتاج إليه ليكون سكنًا شرعيًا لائقًا بهما في حدود طاقته ويسره: قال الله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} (٢).

ولأن المهر المدفوع ليس في مقابلة الجهاز، وإنما هو عطاء ونحلة كما قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} (٣). أو هو في مقابلة حلِّ التمتع بها -كما تقدم- والشيء لا يقابله عِوَضان.

حتى لو كان الزوج قد دفع أكثر من مهر مثلها رجاء جهاز فاخر، ما دام المال الذي دفعه غير مستقل عن المهر.

فإذا دفع الزوج مقدارًا من المال -مستقلًّا عن المهر- في مقابلة الجهاز، فتلزم الزوجة حينئذٍ بإعداد الجهاز، لأنه كالهبة بشرط العوض.

فإذا تجهزت الزوجة بنفسها أو جهَّزها ذووها، فالجهاز ملك لها خاصٌّ بها، لأنها لا يلزمها كما تقدم.


(١) «ابن عابدين» (٢/ ٦٥٢)، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٢١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٠٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٤٩)، و «المحلي» (٩/ ٥٠٧).
(٢) سورة الطلاق: ٦.
(٣) سورة النساء: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>