للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُجَرَهُ (١) وَبُجَرَه (٢).

قالت الثالثة: زوجي العَشَنَّق (٣) إن أنطق أطلَّق وإن أسكت أعلَّق (٤).

قالت الرابعة: زوجي كليل تهامةَ (٥) لا حَرٌّ ولا قَرٌّ ولا مخافة ولا سآمة (٦).

قالت الخامسة: زوجى إن دخل فَهِد (٧)، وإن خرج أَسِدَ (٨)، ولا يَسألُ عما عَهِد (٩).


(١)، (١) عُجره وبُجره: العُجر هي العروق والأعصاب التي تنتفخ وتظهر في الوجه والجسد عند الغضب أو عند الكبر، والبُجر مثلها إلا أنها محتصة بالبطن.
والمعنى الإجمالي - والله أعلم - أن المرأة تشير إلى أن زوجها مليء بالعيوب، فهي تقول إنني إذا تكلمت فيه ونشرت أخباره أخشى أن استمر في الحديث ولا انتهى لكثرة ما فيه من شرور وانفعالات، وماذا أذكر من زوجي إن ذكرت منه شيئًا فالذي أذكره هو العُقد الموجودة في وجهه وانتفاخ أوداجه والنتوء الظاهرة في عروق البطن والجسد، هذا الذي أذكره منه.
ومن العلماء من قال: إن معنى قولها إني أخاف أن لا أذره أي: أخاف أن لا أتحمل مفارقته فإنه إذا بلغه أنني تكلمت فيه طلقني فأخشى من مفارقته لوجود أولادي وعلاقتي به، والأول أولى، والله أعلم.
(٢)
(٣) العَشَنَّق: هو الطويل المذموم الطول، وقيل: هو السيئ الخُلق، وقيل: هو النجيب الذي يملك أمر نفسه ولا تتحكم فيه النساء، وقيل عكس ذلك، أنه الأهوج الذي لا يستقر على حال.
(٤) أما قولها: إن أنطق أُطلق وإن أسكت أعلق: فمعناه - والله أعلم - إذا تكلمت عنده وراجعته في أمر طلقني وإن سكَتُّ على حالي لم يلتفت إليَّ وتركني كالمعلقة التي لا زوج لها ولا هي أيم، فلا زوج عندها ينتفع به ولا هي أيم تبحث عن زوج لها، والله أعلم.
(٥) قولها: كليل تهامة، أما تهامة فبلاد تهامة المعروفة، والليل في هذه البلاد معتدل والجو فيها طيب لطيف، فهي تصف زوجها بأنه لين الجانب هادئ الطبع رجل لطيف.
(٦) مخافة: من الخوف، والسآمة من قولهم: سأم الرجل، أي: ملَّ وتعب، والمعنى أنني أعيش مع زوجي آمنة مطمئنة مرتاحة البال لست خائفة ولا أملُّ من معيشته معي، وحالي عنده كحال أهل تهامة وهم يستمتعون بلذة ليلهم المعتدل وجو بلادهم اللطيف.
(٧) فهد بفتح الفاء وكسر الهاء وفتح الدال من الفهد المعروف، أي فيه من خصال الفهد.
(٨) أسَد بفتح الألف وكسر السين وفتح الدال من الأسد، أي فيه من خصال الأسد.
(٩) هذا الوصف الذي وصفت به المرأة زوجها محتمل احتمالين: إما المدح وإما الذم.
أما المدح فله وجوه، أحدها: أنها تصف زوجها بأنه فهد لكثرة وثوبه عليها وجماعه لها فهي محبوبة عنده لا يصبر إذا رآها، أما هو في الناس إذا خرج فشجاع كالأسد.
وقولها: لا يسأل عما عهد أي: أنه يأتينا بأشياء من طعام وشراب ولباس ولا يسأل أين ذهبت هذه، ولا تلك.
والوجه الثاني للمدح أنه إذا دخل البيت كان كالفهد في غفلته عما في البيت من خلل وعدم مؤاخذته لها على القصور الذي في بيتها، وإذا خرج في الناس فهو شجاع مغوار كالأسد، ولا يسأل عما عهد، أي أنه يسامحها في المعاشرة على ما يبدو منها من تقصير.
أما الذم فهي تصف زوجها بأنه إذا دخل كان كالفهد في عدم مداعبته لها قبل المواقعة، وأيضًا سيئ الخلق يبطش بها ويضربها ولا يسأل عنها، فإذا خرج من عندها وهي مريضة ثم رجع لا يسأل عنها ولا عن أحوالها ولا عن أولاده، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>