للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أن يَسْمُر مع زوجته يُحدِّثها ويستمع إلى حديثها:

فهذا النبي صلى الله عليه وسلم مستمعًا إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي تقص عليه حديث النسوة اللاتي جلسن وتعاقدن أن لا يكتمن من خبر أزواجهن شيئًا وهو حديث أم زرع وهو حديث طويل، ومع ذلك لا يملُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة وهي تقصُّه عليه.

وها هو الحديث أذكره مع بعض فوائده (١):

قالت عائشة رضي الله عنها:

جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبارهن شيئًا.

قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث (٢) على رأس جبل (٣) لا سهل (٤) فيُرتقى (٥) ولا سمين (٦) فيُنتقل (٧).

قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره (٨) إني أخاف أن لا أَذَرَه (٩) إن أذكرهُ أذكر


(١) السابق ص (٤٣ - ٥٥) والحديث عند البخاري (٥١٨٩)، ومسلم (٢٤٤٨).
(٢) الغث: الهزيل النحيف الضعيف.
(٣) في رواية: على رأس جبل وعر.
(٤) أي: الجبل ليس بسهل، والمعنى: أن صعوده شاق لوعورته.
(٥) يُرتق أي: يُصعد عليه.
(٦) المراد: اللحم.
(٧) يُنتقل، أي: يتحول.
والمعنى الإجمالي لقولها - والله أعلم - أنها شبهت زوجها بلحم الجمل الضعيف الهزيل، وهذا اللحم رغم أنه لحم جمل ضعيف هزيل فهو موضوع على قمة جبل وعر يصعب الصعود إليه، فالجبل ليس بسهل للارتقاء واللحم ليس بسمين يستحق مكابدة المشاق.
وتنزيل هذا على الزوج كالتالي: أنها تذم زوجها فتقول: إن لحمه كلحم الإبل ليس كلحم الضأن الطيب، والمعنى: أنها لا تستمتع بزوجها ذلك الاستمتاع المطلوب فهو رجل ضعيف لحمه غير جيد، وكأنها تصف مضاجعته لها، تعني: أنني إذا استمتعت منه بشيء فكأني آكل لحم الجمل الهزيل وهو مع هذه الحالة من الهزال والضعف خُلقه سيئ فلا أحد يعرف كيف يتكلم معه ولا كيف يتخاطب معه ولا يصل إليه لسوء خلقه، وحتى إذا وصلت إليه بعد مكابدتي المشاق فماذا عَساي أن أحصل منه، إنني بعد هذا الجهد للوصول إليه لا أجد شيئًا يستحق أن آخذه وأنتقل به واستمتع به، والله أعلم.
(٨) أبث معناها: أنشر.
(٩) أذره: أتركه، والمعنى: أترك خبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>