للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهجر بترك الكلام: فقال الجمهور: لا يجوز أن يهجر كلامها أكثر من ثلاثة أيام حتى لو استمرت على نشوزها (١)، واستدلوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام" (٢).

وقد يقال: "إذا لم يُفد الهجر بالكلام -في ثلاثة أيام- فلن يفيد في أكثر من ذلك، لأن تأثيره أقل على المرأة من الهجر في المضجع" (٣).

وذهب بعض الشافعية إلى أنه يجوز للزوج أن لا يكلم الزوجة الناشز أكثر من ثلاثة أيام إذا قصد تأديبها وردَّها عن النشوز، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم "هجر الثلاثة الذين خلِّفوا أكثر من ثلاث" (٤).

فإذا كانت المرأة ممن لا يفيد معها كلام ولا هجر، لشراسة في خلقها وعناد في طبعها، فلابد من الأسلوب الثالث وهو:

[٣] الضرب:

وهو جائز للزوج على زوجته الناشز إذا لم يُفد معها الوعظ والهجر، اتفاقًا.

لكن ينبغي أن يُراعي في الضرب ما يأتي:

١ - أن لا يكون الضرب مبرحًا: كأن يكسر عظمًا أو يُشوِّه لحمًا كضرب المنتقم؛ فإن قوله تعالى: {واضربوهن} (٥) مقيَّد بكونه غير مبرح:

فعن عمرو بن الأحوص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربًا غير مبرح ... " (٦).

فالمراد من الضرب: التأديب لا الإتلاف والتشويه، والمطلوب: ضرب يكسر النفس ويردُّها، ولا يكسر العظم.


(١) «البدائع» (٢/ ٣٣٤)، و «مواهب الجليل» (٤/ ١٥)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢٥٩)، و «المغني» (٧/ ٤٦).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم.
(٣) «أحكام المعاشرة الزوجية» (ص: ٢٩٢).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري ومسلم في قصة طويلة.
(٥) سورة النساء: ٣٤.
(٦) حسن لغيره: أخرجه الترمذي (١١٦٣)، وابن ماجة (١٨٥١)، وفي سنده ضعف وله شاهد عند أحمد (٥/ ٧٢)، يحسَّن به.

<<  <  ج: ص:  >  >>