للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذه العقوبة بالحد، وعقوبته بغيره تغيير لحدود الشريعة، ثم إن في هذا من الضرر على زوجته البريئة وغيرها ما لا يجوز.

٣ - أن الصحابة جعلوا السكران كالصَّاحي في الحد بالقذف، فإنهم قالوا: "إذا شرب سكر، وإذا سكر هَذَى، وإذا هذى افترى، وحدُّ المفتري ثمانون" (١) وهو ضعيف.

وأجيب: بأن هذا لو ثبت، فإنه يبيِّن "أن اقدامه على السكر الذى هو مظنة الافتراء يلحقه بالمقدم على الافتراء، إقامةً لمظنة الحكمة مقام الحقيقة، لأن الحكمة هنا فيه مستترة، لأنه قد لا يُعلم افتراؤه، ولا متى يفتري، ولا على من يفتري، كما أن المضطجع يُحدث ولا يدرى هل هو أحدث أم لا؟ فقام النوم مقام الحدث، فهذا فقه معروف، فلو كانت تصرفاته من هذا الجنس لكان ينبغى أن يطلق امرأته سواء طلق أو لم يطلق، كما يحدُّ حد المفتري سواء افترى، أو لم يفتر، وهذا لا يقوله أحد" (٢).

٤ - أنه لا يعلم زوال عقله إلا بقوله، وهو فاسق بشربه، فلا يقبل قوله في عدم العقل والسكر.

٥ - ما يُروى مرفوعًا: "كل الطلاق جائز، إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله" (٣) لكنه ضعيف.

القول الثاني: لا يقع طلاق السكران مطلقًا:

وهو القول القديم للشافعي واختاره المزني والطحاوي من الحنفية والرواية الأخرى عن أحمد، وبه قال عمر بن عبد العزيز والليث وإسحاق وأبي ثور وهو اختيار شيخ الإسلام وهو مروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحجة هذا القول ما يلي:

١ - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ...} (٤).


(١) ضعيف: أخرجه مالك (١٥٣٣)، والشافعي (٢٩٣)، وعبد الرزاق (٧/ ٣٧٨)، والدارقطني (٣/ ١٥٧، ١٦٦)، والحاكم (٤/ ٤١٧)، والبيهقي (٨/ ٣٢٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٠٥).
(٣) ضعيف: أخرجه الترمذي بسند ضعيف، وقد تقدم أنه قد صحَّ نحوه على عليٍّ موقوفًا وليس فيه: «المغلوب على عقله».
(٤) سورة النساء: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>