للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فجعل قول السكران غير معتبر لأنه لا يعلم ما يقول، فبطلت صلاته وعبادته لعدم عقله، فبطلان عقوده أولى وأحرى كالنائم والمجنون ونحوهما.

٢ - قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ... " (١) والسكران لا نية له ولا قصد، والعقود وغيرها من التصرفات مشروطة بالقصود.

٣ - حديث بريدة -في قصة ماعز واعترافه بالزنا- وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أشرب خمرًا؟ " فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر ... الحديث (٢).

فجعل صلى الله عليه وسلم السكر كالجنون في إسقاط العقوبة.

وأجيب بأن هذا في باب الحدود، والحدود تُدرأ بالشبهات!

٤ - حديث عليٍّ في قصة سُكر حمزة بن عبد المطلب ودخول النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وفيه: " ... فإذا هم شرب فطفق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة قد ثمل محمرةً عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .... ثم قال: هل أنتم إلا عبيد لأبى، فعرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قد ثمل، فنكص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عقبيه القهقرى وخرجنا معه" (٣).

قال ابن حزم (١٠/ ٢١١): فهذا حمزة رضي الله عنه يقول وهو سكران ما لو قاله غير سكران لكفر، وقد أعاذه الله من ذلك، فصحَّ أن السكران غير مؤاخذ بما يفعله جملة ... اهـ.

وقال الحافظ: وهو من أقوى أدلة من لم يؤاخذ السكران بما يقع منه في حال سُكره من طلاق وغيره. اهـ. واعترض بأن الخمر حينئذٍ كانت مباحة فيسقط عنه حكم ما نطق به في تلك الحال (!!) وأجيب: بأن الاحتجاج من هذه القصة إنما هو بعدم مؤاخذة السكران بما يصدر منه، ولا يفترق الحال بأن يكون الشراب مباحًا أو لا.

٥ - ما صحَّ عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: "كل الطلاق جائز إلا طلاق النشوان، وطلاق المجنون" (٤) قال شيخ الإسلام (٣٣/ ١٠٢): ولم يثبت عن الصحابة خلافُه فيما أعلم.

٦ - وعن عمر بن عبد العزيز "أنه أُتي برجل طلَّق امرأته وهو سكران،


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١)، ومسلم.
(٢) صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٣٠٩١).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه سعيد بن منصور (١١١٢)، وعبد الرزاق (١٢٣٠٨)، وابن أبي شيبة (٥/ ٣٩)، والبيهقي (٧/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>