٢ - لأنه إذا طلقها بائنًا انقطعت الزوجية، ولا يجوز توريثها بلا سبب ولا نسب.
٣ - أن فتوى عثمان وعمر رضي الله عنهما معارضة بفتوى ابن الزبير وقد أجيب عن هذا بأن ابن الزبير لم يكن في ذلك الزمان من الفقهاء، إذ لم يعرف له قبل ذلك فتوى ولا شهرة بفقه!! ثم إنه قال في بعض الروايات:"لو كنت أنا لم أورثها" فأراد به: لعدم علمي إذ ذاك بأن الحكم الشرعي في حقها ذلك!!
قلت: أما الوجه الأخير فيأباه السياق الذي قدمتُه من قوله: "وأما أنا فلا أرى أن ترث المبتوتة" وهذا واضح.
٤ - أن التعليل لعدم إيقاع الطلاق بأنه يُظَن أنه يريد ظلمهما والفرار من توريثها، فهذا الظن لا ينبغي أن تُبطل به الأحكام الشرعية، ثم إن هذا الظن موجود في حال صحته وقوته كذلك.
* الراجح:
لا يخلو الأمر -على التحقيق- من أحد أمرين: إما أن يكون الطلاق قد وقع فتنقطع الزوجية ويسقط التوارث، وإما أن لا يقع الطلاق ولا يعتد به في مرض الموت مطلقًا فالزوجية قائمة والتوارث ثابت، أما أن يكون طلاق تبث به بعض أحكامه دون بعض، فهذا خلاف الأصول.
وعلى هذا، فمن جعل فتوى عثمان وعمر (١) رضي الله عنهما ولم يعتدَّ بمخالفة ابن الزبير لزمه أن يقول بعدم وقوع الطلاق، وأوجب لها الميراث.
ومن لم يجعل ذلك حجة عمل بالأصل وهو وقوع الطلاق من المريض -كغيره- وسقوط التوارث، وهو الأقرب والله أعلم.
* فائدتان:
١ - إذا طلقَّها طلاقًا رجعيًّا فمات في مرضه أو لم يمت فيه، أو ماتت هي، فإنهما يتوارثان بالاتفاق.
٢ - وإذا طلبت هي الطلاق أو قال لها: اختاري، فاختارت نفسها عليه، أو اختلعت، فقال الأوَّلون -إلا أبا حنيفة-: ترثه، وقال أبو حنيفة: لا ترث.
قلت: قول أبي حنيفة هو مقتضى النظر، فإن طلبها الطلاق ورغبتها فيه ينفي معنى الفرار الذي لأجله أوجبوا لها الميراث، والله أعلم.
(١) على أنه ليس في أثر عمر أن الرجل كان مريضًا، فلينتبه!!