للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وقالت طائفة: ترث ما لم تتزوَّج، وبه قال ابن أبي ليلى والإمام أحمد، لكنه خلاف الأصحِّ عند الحنابلة، ولعلهم لحظوا إجماع المسلمين على أن المرأة الواحدة لا ترث زوجين.

قلت: كذا وجَّهه ابن رشد، والذي يظهر لي أن المراد بقولهم (ما لم تتزوج) أي: ما لم يمكنها التزوَّج أي بانقضاء العدة، فرجع إلى الأول، وقد أشار إلى ذلك ابن الهمام.

٣ - وقالت طائفة: ترثه مطلقًا، سواء كانت في العدة أم لا، تزوجت أم لم تتزوج، وهو مذهب مالك والليث!! وحجتهم الرواية الآتية عن عثمان رضي الله عنه وقد صحَّ خلافها كذلك كما سيأتي، واحتج هؤلاء جميعًا على توريثها بما يأتي:

(أ) أن عثمان بن عفان: "ورَّث امرأة عبد الرحمن بن عوف بعد انقضاء العدة وكان طلَّقها مريضًا" (١).

(ب) عن ابن أبي مليكة "أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتُّها، ثم يموت وهي في عدتها؟ فقال ابن الزبير: طلق عبد الرحمن بن عوف ابنة الأصبغ الكلبى فبتَّها ثم مات وهي في عدتها، فورَّثها عثمان، قال ابن الزبير: وأما أنا فلا أرى أن ترث المبتوتة" (٢).

(ج) عن ابن عمر قال: "طلَّق غيلان بن سلمة الثقفي نساءه، وقسَّم أمواله بين بنيه في خلافة عمر، فبلغ ذلك عمر، فقال: طلَّقت نساءك، وقسمت مالك بين بنيك؟ قال: نعم، قال: والله إني لأرى الشيطان فيما يسرق من السمع سمع بموتك، فألقاه في نفسك، فلعلك أن لا تمكث إلا قليلًا، وايم الله لئن لم تراجع نساءك، وترجع في مالك، لأورثهن منك إذا متَّ، ثم لآمرنَّ بقبرك فليرجمنَّ كما رجم قبر أبي رغال" (٣).

قالوا: وكان هذا بمحضر من الصحابة فلم ينكر عليهما فكان إجماعًا!!

* بينما ذهب الشافعي -في الجديد- وابن حزم إلى أن الطلاق يقع وأنها لا ترث منه سواء مات في عدتها أو بعدها، لما يأتي:

١ - أنه طلَّق وهو بالغ غير مغلوب على عقله فجاز طلاقه كما لو كان صحيحًا.


(١) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٢١٩١، ١٢١٩٥).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٢١٩٢)، وابن أبي شيبة (٥/ ٢١٧).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٢٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>