للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حملوا الأمر بالإشهاد في هذه الآية على أنه أمر ندب لا إيجاب، وقد يؤيد هذا الحمل:

١ - حديث ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مره فليراجعها ...» الحديث (١).

وليس فيه الأمر بالإشهاد على الطلاق ولا على الرجعة.

٢ - وعن ابن عمر «أنه طلق امرأته صفية بنت أبي عبيد تطليقة أو تطليقتين فكان لا يدخل عليها إلا بإذن، فلما راجعها أشهد على رجعتها ودخل عليها» (٢).

٣ - أن الطلاق ورد في عدة آيات غير مقرون بالإشهاد، وكذلك في السنة.

٤ - أن الطلاق من حقوق الزوج، فلا يحتاج إلى بيِّنة كي يباشر حقه.

٥ - أنه كسائر الإشهاد.

وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن الإشهاد على الطلاق مستحب غير واجب، إلا أن هذه دعوى غير مسلَّمة، فقد رُوي القول بوجوب الإشهاد عن علي بن أبي طالب (!!) وعمران بن حصين - رضي الله عنهما -، وعطاء وابن جريج وابن سيرين، وهو القول القديم للشافعي - ثم استقر مذهبه على الاستحباب - وبه قال أبو محمد بن حزم، وهو مذهب أهل البيت - رضي الله عنهم -، ويُستدل لهم بما يلي:

١ - ظاهر الأمر في قوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} (٣). وهو يقتضي الوجوب.

٢ - أن الله تعالى قد قرن في الآية بين المراجعة والطلاق والإشهاد، فلا يجوز إفراد بعض ذلك عن بعض، فكل من طلَّق ولم يشهد ذوي عدل أو راجع ولم يشهد ذوي عدل متعدٍّ لحدود الله تعالى (٤).

٣ - عن مطرف بن عبد الله: أن عمران بن حصين سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها، ولم يُشهد على طلاقها ولا على رجعتها؟ فقال: «طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة، أُشْهِدْ على طلاقها، وعلى رجعتها، ولا تعد» (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه البيهقي (٧/ ٣٧٣).
(٣) سورة الطلاق: ٢.
(٤) «المحلي» (١٠).
(٥) صحيح: أخرجه أبو داود (٢١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>