للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْتَدُّونَهَا} (١). والطلاق قبل الدخول بائن، فإنه لا عدة للرجل عليها فيه، وإنما تكون الرجعة في العدة.

وقد تقدم حديث ابن عمر أنه لما طلق امرأته في الحيض، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «مره فليراجعها» (٢).

وأجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلَّق دون الثلاث والعبد دون اثنتين، أن لهما الرجعة في العدَّة (٣).

حكمة مشروعية الرَّجعة:

«إن الحاجة تمسُّ إلى الرجعة، لأن الإنسان قد يُطلِّق امرأته ثم يندم على ذلك، على ما أشار الربُّ سبحانه وتعالى بقوله: {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا} (٤).

فيحتاج إلى التدارك، فلو لم تثبت الرَّجعة لا يمكنه التدارك لما عسى أن لا توافقه المرأة في تجديد النكاح، ولا يمكنه الصبر عنها فيقع في الزنا» (٥) لذا شُرعت الرَّجعة للإصلاح بين الزوجين وهذه حكمة جليلة، فتبارك الله أحكم الحاكمين.

فإن طلقها الثالثة:

فإن المرأة تبين منه، وتحرم على زوجها فلا يحل له مراجعتها حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا، قال تعالى: {فَإن طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٦). ويشترط أن يطأها الزوج وطأ صحيحًا، لحديث عائشة - رضي الله عنها -: أن امرأة رفاعة القرظي جاءت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن فارعة طلقني فبتَّ طلاقي، وإني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهدبة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عُسيلتك وتذوقي عسيلته» (٧).


(١) سورة الأحزاب: ٤٩.
(٢) صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) «المغني» (٧/ ٥١٥)، و «الإفصاح» (٢/ ١٥٨)، و «البدائع» (٣/ ١٨١).
(٤) سورة الطلاق: ١.
(٥) «بدائع الصنائع».
(٦) سورة البقرة: ٢٣٠.
(٧) صحيح: أخرجه البخاري (٢٦٣٩)، ومسلم (١٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>