للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تتزيَّن لزوجها وأنه لا يستمتع منها بشيء، لأنها أجنبية عنه؛ ولأن النكاح يبيح الاستمتاع فيحرمه الطلاق لأنه ضدُّه، فإن وطئ الزوج المطلَّقة فلا حدَّ عليهما!! وقد صح نحو هذا عن عطاء، فعن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما يحل للرجل من امرأته يُطلِّقها فلا يبتُّها؟ قال: «لا يحل له منها شيء ما لم يراجعها» (١).

وذهب الحنفية والحنابلة والظاهرية إلى أن المطلَّقة - رجعيًّا - تتزين لزوجها بما تفعله النساء لأزواجهن من أوجه الزينة واللبس، لترغيب الزوج في المراجعة، فلعله يراها في زينتها فتروق في عينه ويندم على طلاقها فيراجعها، وللزوج أن ينظر إلى ما شاء منها.

واستدلوا على ذلك بأن المطلقة الرجعية في حكم الزوجة والنكاح قائم من وجه، وهو كونها في العدة، لقوله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} (٢) فسمَّاه الله بعلًا، قلت: وهو الأظهر للآية الكريمة، ولعدم الدليل على ما يمنع أو يحدد رؤية شيء من المرأة، لكن ذهب الفقهاء إلى أنه ينبغي أن يستأذن قبل أن يدخل عليها إذا كان لا ينوي الرَّجعة، والسبب في ذلك أنهّا قد تكون متجردة من الثياب فيقع نظره على موضع الجماع فيكون مراجعًا عند من اعتبر ذلك رجعة، وسيأتي قريبًا. أما إذا كان ينوي مراجعتها فلا بأس أن يدخل عليها، لأن في نيَّته مراجعتها فكانت زوجة له لاسيما وأن الرجعة لا تحتاج إلى موافقة المرأة.

وقد صحَّ عن ابن عمر «أنه طلق امرأته صفية بنت أبي عبيد تطليقة أو تطليقتين، فكان لا يدخل عليه إلا بإذنه، فلما راجعها أشهد على رجعتها ودخل عليها» (٣).

هل يلحق المطلَّقة رجعيًّا طلاق في العدة؟

المطلَّقة الرجعية في حكم الزوجة التي في العصمة، ولذا فقد ذهب جماهير العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم (٤) إلى أنه يلحقها - في عدتها - طلاق الزوج، كما يلحقها ظهاره ولعانه وإيلاؤه، ويرث أحدهما الآخر، بل نقل ابن قدامة الإجماع على هذا (!!).


(١) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١١٠٣٠ - ١١٠٣٢).
(٢) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه البيهقي (٧/ ٣٧٣).
(٤) «ابن عابدين» (٣/ ٣٩٧)، و «أسهل المدارك» (٢/ ١٣٨)، و «تكملة المجموع» (١٧/ ٢٦٢)، و «المغني» (٨/ ٤٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>