للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وألفاظ الرجعة منها ما هو صريح ومنها ما هو كناية.

(أ) فالصريح: ما يدلُّ على الرجعة لا على غيرها، كالألفاظ المتقدمة، ولذا فإنها تقع بها الرجعة من غير احتياج إلى النية.

(ب) والكناية: ما يدل على الرجعة ويحتمل معنى آخر غيرها، كأن يقول: (أنت عندي كما كنت - أنت امرأتي - رددتك - أمسكتُك) (١) ونحو ذلك، فإن هذه الألفاظ الكنائية تقع بها الرَّجعة إذا نوى بها ذلك وإلا لم تقع.

[٢] الرجعة بالفِعْل (٢):

اختلف أهل العلم في حصول الرَّجعة بأفعال مادية يقوم بها الزوج المرتجع تجاه مطلَّقته الرجعية، على أربعة أقوال:

الأول: تحصل الرَّجعة بالجماع ومقدماته كلمسها أو تقبيلها بشهوة، سواء نوى الرجعة أو لم ينو، وكذلك بالنظر إلى فرجها - لا إلى غيره - وهذا مذهب الحنفية، وحجتهم:

١ - أن الرجعة استدامة للنكاح القائم من كل وجه فلا تختص بالقول؛ لأن الفعل قد يقع دالًا على الاستدامة.

٢ - والفعل الدال على استدامة النكاح لابد أن يختص بالنكاح ولا يجوز بغيره كالوطء والتقبيل واللمس بشهوة والنظر إلى الفرج بشهوة.

وعندهم إذا حدثت هذه الأشياء من المرأة - كأن قبَّلته أو لمسته بشهوة - فتصحُّ الرجعة كذلك إذا لم يمنعها.

الثاني: تحصل الرَّجعة بالجماع ومقدماته بشرط أن ينوي بذلك الرَّجعة: وهو مذهب المالكية، ولعلَّ حجتهم عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات» (٣).


(١) لأن قوله «رددتك» يحتمل الرد إلى الزوجية أو إلى بيت أبيها، وقوله «أمسكتك» يحتمل الإمساك بالزوجية أو الإمساك عن الخروج من بيتها في عدَّتها، فاحتاج إلى النية لصرف اللفظ إلى أحدهما.
(٢) «البدائع» (٣/ ١٨٣)، و «المبسوط» (٦/ ٢١)، و «الخرشي» (٤/ ٨١)، و «الدسوقي» (٢/ ٣٧٠) و «الأم» (٦/ ٢٤٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٣٧)، و «روضة الطالبين» (٨/ ٢١٧)، و «المغني» (٧/ ٢٨٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٤٣)، و «المحلي» (١٠/ ٢٥١)، و «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٣٨١).
(٣) متفق عليه: تقدم كثيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>