الثالث: تحصل الرَّجعة بالجماع فقط سواء نوى الرجعة أو لم ينوها: وهذا هو المذهب عند الحنابلة وهو الرواية المختارة عندهم عن أحمد، وهو قول ابن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس والزهري والثوري والأوزاعي.
واستدل الحنابلة على الرجعة بالوطء بما يلي:
١ - أن فترة العدة تؤدي إلى بينونة المطلقة من حيث إن انقضاء العدة يمنع صحة الرجعة، فإن وطئها في المدة عادت إليه كالإيلاء.
٢ - أن الطلاق سبب لزوال الملك ومعه خيار، فتصرف المالك بالوطء يمنع عمله كوطء البائع الأمة المبيعة مدة الخيار.
واستدلوا على عدم حصول الرجعة بالأفعال دون الوطء بما يلي:
١ - أن مقدمات الوطء ونحوها إذا حدثت لا يترتب عليها عدة ولا يجب بها مهر فلا تصح بها الرجعة.
٢ - أن هذه الأفعال ليست في معنى الوطء، إذ الوطء يدل على ارتجاعها دلالة ظاهرة بخلافها.
٣ - أن ينظر إلى موضع الجماع أو اللمس يحدث من غير الزوج للحاجة، فلا تكون رجعة من هذه الجهة. واختلف الحنابلة في الخلوة الصحيحة هل تصح معها الرجعة؟! على قولين.
الرابع: لا تحصل الرَّجعة إلا بالقول، لا بالوطء ولا بغيره: وهو مذهب الشافعية وأبي محمد بن حزم وحجتهم:
١ - أن الرجعة استباحة بضع مقصود بالقول فلم يصحَّ بالفعل مع القدرة على القول كالنكاح.
٢ - أن المرأة في الطلاق الرجعي تعتبر أجنبية عن الزوج - عند الشافعية فقط - فلا يحل له وطؤها، والرجعة في القدرة تعتبر إعادة لعقد الزواج (!!) وكما أنه لا يصح إلا بالقول الدال عليه فكذلك الرجعة.
٣ - ولأنه لم يأت بأن الجماع رجعة قرآن ولا سنة، ولا خلاف في أن الرجعة بالكلام رجعة.
٤ - أن الإمساك بالمعروف المأمور به ما عرف به ما في نفس الممسك الرادّ، ولا يعرف ذلك إلا بالكلام.