للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - فقد سأله رجل عمن طلق امرأته طلاقًا رجعيًّا ثم وقع بها ولم يُشهد فقال: «طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة، أشهد على ذلك ولا تعد» (١).

٣ - ولأن الرجعة استباحة بُضع مقصود فلم يصحَّ من عير إشهاد كالنكاح.

٤ - أن الله - عز وجل - قد قرن - في الآية الكريمة السابقة - بين المراجعة والطلاق والإشهاد، فلا يجوز إفراد بعض ذلك عن بعض، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردُّ» (٢).

الثاني: أن الإشهاد على الرَّجعة مستحب وليس بواجب: وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي - في الجديد - وهو الأظهر في المذهب، وإحدى الروايتين عن أحمد، وحجتهم:

١ - الإشهاد يحب في النكاح لإثبات الفراش (الزوجية) وهو ثابت هنا، ثم إن الرَّجعة استدامة للنكاح وليس ابتداءً فلم تلزمها شهادة.

٢ - أن الرجعة حق للزوج لا يفتقر لقبول المرأة أو وليها فلم تجب فيه الشهادة.

٣ - قالوا: أما الأمر بالإشهاد في الآية الكريمة فمحمول على الندب لا الإيجاب لأمور:

(أ) أنه كقوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم} (٣) والبيع يصح بغير إشهاد عند الجمهور.

(ب) أن الإشهاد على الرجعة إنما هو للأمن من الجحود وقطع باب النزاع وسد باب الخلاف، فهو من باب الاحتياط.

(جـ) أن الآية جعلت له الإمساك أو الفراق ثم ذكرت الإشهاد فعلم أن الرجعة تحصل قبل الإشهاد، وأنه ليس بشرط فيها.

(د) لما كانت الفرقة حقًا للزوج وجازت بغير إشهاد، وكانت الرجعة حقًّا له وجب أن تجوز بغير إشهاد.

الراجح: الذي يترَّجح لديَّ وجوب الإشهاد في الرَّجعة لظاهر الأمر في الآية الكريمة ولما تقدم من أدلة الفريق الأول، ولما فيه من منع إنكار الزوج ودوامه


(١) إسناده صحيح: تقدم قريبًا في «الإشهاد على الطلاق».
(٢) صحيح: تقدم كثيرًا.
(٣) سورة البقرة: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>