للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبوت العدة عند الحنفية في الطلاق بعد الخلوة الصحيحة فهو للاحتياط وليس لثبوت حق الرجعة (١).

٢ - الطلاق على مال (الخُلع) عند الجمهور:

الطلاق على مال يقع بائنًا عند الجمهور؛ لأن الزوجة ما دفعت المال لزوجها في الخُلع ليطلِّقها إلا لتملك نفسها وتخلص من قيد الزوجية، ولا يتأتَّى لها ذلك بجعل الطلاق رجعيًّا، بل بجعله بائنًا (٢).

قلت: عدُّ الخلع طلاقًا بائنًا على معنى أن الزوج يعيد زوجته برضاها - بعده إذا أراد - إلى عصمته بعقد جديد ومهر جديد، صحيح لا غبار عليه، وإما أن يكون على معنى أنها طلقة تحسب عليه من الثلاث فلا؛ لأن الصواب أن الخلع فسخ وليس بطلاق فلا تحتسب من الثلاث طلاقًا لقول الجمهور كما سيأتي تحريره، والله أعلم.

٣ - بعض أحوال التفريق بين الزوجين: تقع طلاقًا بائنًا بينونة صغرى، كما في التفريق للعيب أو الضرر أو للإيلاء، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

تنبيه: الطلاق باللفظ الصريح الموصوف أو الكنائي على المدخول بها يقع رجعيًّا ولا يكون بائنًا على الراجح (٣):

فلو قال لامرأته: (أنت طالق البتة - أنت طالق بائن) وقعت طلقة رجعية، لأنه لما قال: (أنت طالق) فقد أتى بصريح الطلاق، وأنه يستدعي الرجعة حيث أنها تعقب قوله، فلما قال (بائن) فقد أراد تمييز المشروع، وهو الرجعة، فيرد عليه؛ ولأن الأصل في الطلاق أن يكون رجعيًّا، والاستمساك بهذا الأصل أولى من التحول عنه لوصف ألحقه المطلق بلفظ الطلاق، وهذا هو الموافق لحكمة تشريع الطلاق، وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام (٤).

وإذا كان الطلاق الصريح لا يقع إلا رجعيًّا، فالكناية - التي هي أضعف من التصريح لاحتمالها الطلاق وغيره - يكون الطلاق بها رجعيًّا بالأولى.


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٠٩).
(٢) «السابق» (٣/ ١٠٩)، و «ابن عابدين» (٣/ ٤٠٠)، و «الخرشي» (٤/ ١٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٣٧)، و «المغني» (٧)، و «المبدع» (٧/ ٣٩٠).
(٣) إلا أن يكون الطلاق مكملًا للثلاث فيكون بائنًا بينونة كبرى كما لا يخفى.
(٤) «الأم» (٥/ ٢٤١)، و «المحرر» (٢/ ٥٥)، و «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>