للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الطلاق وضع شرعي لا يتأثر بالنية، فقصد البينونة بالكناية يكون تغييرًا للوضع الشرعي (١).

(ب) الطلاق البائن بينونة كبرى:

وهو الذي لا يملك منه الزوج إرجاع مطلقته لا في عدتها ولا بعد انتهائها إلا بعقد جديد ومهر جديد، وبعد أن تكون قد نكحت زوجًا آخر ودخل بها الثاني ثم فارقها بموته أو طلاقه ثم انتهت عدَّتها منه.

ويشترط في النكاح الذي يحصل به التحليل للزوج الأول ما يلي:

١ - أن يكون نكاحًا صحيحًا ظاهرًا وباطنًا: ومعنى صحته ظاهرًا: استيفاء شروط انعقاد العقد وشروط صحته، فلو كان العقد فاسدًا لم يحصل به التحليل عند جماهير أهل العلم (٢).

ومعنى صحته باطنًا: أن يكون المقصود منه تحقيق أغراض النكاح كتكوين الأسرة وإعفاف كل منهما نفسه وإنجاب الذرية، فإن قُصد به التحليل الأول لم يحصل التحليل كما تقدم هذا في «الأنكحة الفاسدة».

٢ - أن يجامعها الزوج الثاني: فلا يكفي مجرد العقد الصحيح بدون الدخول، على هذا اتفاق جماهير السلف والخلف - إلا ابن المسيب - وبهذا جاءت السنة: فعن عائشة - رضي الله عنها -: أن رفاعة القرظي تزوَّج امرأة، ثم طلقها، فتزوَّجت آخر، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له أنه لا

يأتيها وأنه ليس معه إلا مثل الهُدبة، فقال: «لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟، لا، حتى تذوقي عُسيلته ويذوق عُسيلتك» (٣).

والعُسيلة عند الجمهور: حلاوة الجماع التي تحصل بتغييب الحشفة في الفرج ولو من غير إنزال.

وقد اشترط جمهور الحنابلة أن يكون الوطء حلالًا، فلو وطئها في حيض أو نفاس أو إحرام لم يكن كافيًا لإحلال المرأة لزوجها الأول، والصواب - الذي اختاره ابن قدامة - أنه يكفي لأن هذا واجد للعُسيلة وداخل في عموم قوله تعالى:


(١) وانظر لمذاهب العلماء في الكنائي: «البدائع» (٣/ ١١١)، و «القوانين الفقهية» (٢٥٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٥١)، و «المغني» (٧/ ١٣٣).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٧٥).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٢٦٣٩)، ومسلم (١٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>