للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فلم يُنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه إيقاع الطلقات الثلاث مجموعة، ولو كان ممنوعًا أنكره، ولو أن الفرقة وقعت بنفس اللعان.

وأُجيب: بأن هذا لا حجة فيه، لأن الزوجة بعد اللعان تحرم على زوجها تحريمًا مؤبدًا، فما ذاد الطلاق الثلاث هذا التحريم إلا تأكيدًا وقوة، ثم إن هذا الطلاق قد وقع على أجنبيه لوقوع الفرقة بينهما باللعان.

ويؤيد هذا قول سهل في الرواية الأخرى: «طلقها ثلاثًا فأنقذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (١) فدلَّ على أنه احتاج إلى إنفاذ النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختصاص الملاعن بذلك.

٤ - حديث فاطمة بنت قيس أن زوجها أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلَّقها ثلاثًا، ثم انطلق إلى اليمين، فانطلق خالد بن الوليد في نفر، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت ميمونة أم المؤمنين، فقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثًا، فهل لها من نفقة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس لها نفقة، وعليها عدة» (٢).

٥ - وحديث عائشة: أن رجلًا طلق امرأته ثلاثًا، فتزوَّجت، فطلقت، فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتحلُّ للأول؟ قال: «لا، حتى يذوق عُسَيْلتها كما ذاق الأول» (٣).

قالوا: فلم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديثين - تطليقهما ثلاثًا!!

وأُجيبَ: بأن التطليق ثلاثًا الوارد في الحديثين، لم يكن مجموعًا، لأن زوجها كان قد طلقَّها تطليقتين من قبل ثم طلقها آخر الثلاث، كما جاء في بعض روايات حديث عند مسلم: «فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها ..».

ولأن الحال عندهم كان معلومًا منه أن قوله (ثلاثًا) إنما تكون واحدة بعد واحدة، وهذا هو مقتضى اللغة والشرع.

٦ - ما رُوي: أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته البتة، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وقال: والله ما أردتُ إلا واحدة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والله ما أردتَ إلا


(١) أخرجه ابن عوانة (٣/ ٢٠٠)، والطبراني في «الكبير» (٦/ ١١٧) وفي سندها لين.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٨٠) وغيره.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٥٢٦١)، ومسلم (١٤٣٣)، والنسائي (٦/ ١٤٨)، وأبو داود (٢٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>