للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجيب: بأنه حديث باطل.

١٠ - وعن مجاهد: أن ابن عباس سئل عن رجل طلق امرأته مائة، فقال: «عصيت ربك، وفارقتك امرأتك» (١) وفي لفظ: أن رجلًا طلق ألفًا، قال: «يكفيك من ذلك ثلاث».

قالوا: فتوى ابن عباس تدل على أن من طلق زوجته ثلاثًا مجموعة بانت منه.

وأجيب: بأن هذه فتواه ورأيه، لكنه قد روي أن طلاق الثلاث كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقع واحدة - كما سيأتي - والحجة فيما رواه مرفوعًا لا في رأيه وفتواه كما هو مقرر في الأصول.

١١ - أن وقوعه ثلاثًا قد انعقد الإجماع عليه في عهد عمر، ولا يحفظ أن أحدًا في عهد عمر خالف فيه (!!).

وأجيب: بأنه ليس في المسألة إجماع، فالنزاع فيها قديم، والقول بوقوعها واحدة كان معروفًا في عهد أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر وهو مروي عن علي وابن مسعود وابن عباس والزبير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم.

١٢ - أن الله تعالى ملَّك الزوج ثلاث تطليقات، وجعل إيقاعها إليه، فإن جمع الثلاث فعلى القول بجواز ذلك فقد فعل ما أبيح له فيصح، وإن قلنا بتحريمه، فالشارع ملَّكه تفريق الطلقات الثلاث فسحة له، فإذا جمعها فقد جمع ما فسخ له في تفريقه، فلزمهُ حكمه كما لو فرَّقه.

القول الثالث: أن هذا الطلاق محرَّم، ويقع واحدة رجعية: وهو منقول عن طائفة من الصحابة منهم: الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وعلي وابن مسعود وابن عباس (وروي عن ثلاثتهم خلافه) وهو قول كثير من التابعين ومن بعدهم كطاووس ومحمد بن إسحاق، وبه قال داود الظاهري وأكثر أصحابه، وبعض أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد، وانتصر له شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، واحتجوا بما يلي:

١ - قوله تعالى: {الطلاق مرتان} (٢). فبيَّن أن الطلاق الذي ذكره والطلاق


(١) صحيح: أخرجه الدارقطني (٤/ ١٣ - ٦٠)، والطحاوي (٢/ ٣٣)، والبيهقي (٧/ ٣٣٧)، وانظر «الإرواء» (٢٠٥٦).
(٢) سورة البقرة: ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>