للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجعي الذي يكون فيه أحق بردها هو مرتان، مرة بعد مرة، كما إذا قيل للرجل: سبح مرتين أو سبِّح ثلاث مرات أو مائة مرة، فلابد أن يقول: سبحان الله، سبحان الله، حتى يستوفى العدد، ولو قال: سبحان الله كذا مرة (مجملة) لم يكن سبِّح إلا مرة واحدة.

فكذلك من قال لامرأته: (أنت طالق اثنتين أو ثلاثًا أو عشرًا أو ألفًا) لم يكن قد طلقها إلا مرة واحدة (١).

وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم المؤمنين جويرية: «لقد قلتُ بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قُلته لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» (٢).

فمعناه: أنه سبحانه يستحق التسبيح بعدد ذلك، وليس المراد أنه سبَّح تسبيحًا بقدر ذلك.

فإذا أراد المطلق أن يغيِّر الصفة الشرعية للطلاق بأن يجعله سببًا لفرقة لا رجعة فيها بجمع الثلاث، لم يكن له ذلك لأنه من قبيل تغيير شرع الله ونسخه بعد وفاة رسول الله، وهذا لا يجوز، وعلى هذا يقع الطلاق طلقة واحدة رجعية وتُلغى الثلاث.

وأجيب: بأن الطلاق بجمع الثلاث وإن كان منهيًّا عنه، ولكن هذا لا يمنع من وقوعه كالظهار، فإن الله قد سماه منكرًا من القول وزورًا، ولم يمنع ذلك من تحريم زوجته عليه حتى يفعل ما أمره الله به!!

ورُدَّ عليه: بأنه لا يصح قياس الطلاق على الظهار، فإن الظهار محرَّم في نفسه، وهو جريمة رتَّب الشارع عليها جزاء هي الكفارة، بخلاف الطلاق (٣).

٢ - عن طاووس عن ابن عباس قال: «كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: «إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناه فلو أمضيناه عليهم» فأمضاه عليهم» (٤).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١١).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٧٢٦) وغيره.
(٣) «المفصَّل» لعبد الكريم زيدان (٨/ ٧٤).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٢٤٧٢)، وأبو داود (٢٢٠٠)، والنسائي (٦/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>