للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجيب: بأن للحديث لفظًا آخر: أنه طلَّق امرأته البتة وقال: ما أردت إلا واحدة فردَّها عليه واحدة، قلت: الحديث ضعيف لاضطرابه على كل حال كما تقدم بيانه.

٤ - ما ورد عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت محمود بن لبيد قال: «أُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان ثم قال: «أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!» حتى قام رجل وقال: يا رسول الله، ألا أقتله؟» (١).

قالوا: فكيف يُظن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاز عمل من استهزأ بكتاب الله وصححه واعتبره في شرعه وحكمه وأنفذه؟ وقد جعله مستهزئًا بكتاب الله تعالى؟! وهو صريح في أن الله تعالى لم يشرع جمع الثلاث ولا جعله من أحكامه.

وأُجيب عن الحديث: بأن قد أُعلَّ بعلتين: الأول: أنه مرسل إذ أن محمود بن لبيد لم تثبت له صحبة على قول بعض أهل العلم (!!) والثانية: أن مخرمة بن بكير مُتكلَّم في سماعه من أبيه.

قلت: أما سماع محمود بن لبيد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالصحيح ثبوته، فقد روي أحمد (٥/ ٤٢٧) بسند حسن عن محمود بن لبيد قال: «أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بنا المغرب في مسجدنا فلما سلَّم منها قال: «اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم» وقد تقدم في الصلاة.

وأما سماع مخرمة بن بكير من أبيه فقد صرَّح غير واحد من أهل العلم بأن روايته عنه منقطعة.

٥ - عن ابن عباس قال: «إذا قال: (أنت طالق ثلاثًا) بفم واحد، فهي واحدة» (٢).

٦ - وَوَجَّهوا إمضاء عمر - رضي الله عنه - الثلاث بلفظ واحد بأن عمر «لما رأى الناس قد أكثروا مما حرَّمه الله عليهم من جميع الثلاث، ولا ينتهون من ذلك إلا بعقوبة، رأى عقوبتهم بإلزامهم بها لئلا يفعلوه، إما من نوع التعزير العارض الذي يُفعل عند الحاجة، وإما ظنَّا أن جعلها واحدة كان مشروطًا بشرط وقد زال» (٣).


(١) ضعيف: أخرجه النسائي (٦/ ١٤٢).
(٢) صحيح: انظر «الإرواء» (٧/ ١٢١ - ١٢٢).
(٣) «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (٣٣/ ١٥ - ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>