للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالراجح: أنه يجب الوضوء من أكل لحم الإبل على كل حال، ولذا قال النووي في «شرح مسلم» (١/ ٣٢٨ - قلعجي): وهذا المذهب أقوى دليلاً وإن كان الجمهور على خلافه .. اهـ.

تنبيهان:

الأول: عزا النووي في «شرح مسلم» (١/ ٣٢٨) القول بعدم الوضوء من لحوم الإبل إلى الخلفاء الراشدين الأربعة (!!) وهذه دعوى لا دليل عليها ولا يعرف السند إليهم بذلك، وقد نبه على خطأ هذه الدعوى ابن تيمية -رحمه الله- فقال: «وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة أنهم لم يكونوا يتوضأون من لحوم الإبل، فقد غلط عليهم، وإنما توهم ذلك لما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يتوضأون مما مست النار ......» اهـ (١).

الثاني: قصة مشهورة لا أصل لها (٢).

اشتهرت بين العوام قصة يرددونها إذا سمعوا بعض طلاب العلم يذكر وجوب الوضوء من لحم الإبل وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في نفر من أصحابه فوجد ريحًا من أحدهم، فاستحيا أن يقوم من بين الناس، وكان قد أكل لحم جزور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل لحم جزور فليتوضأ» فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه، فتوضأوا!! وهذه القصة ضعيفة من جهة السند ومنكرة من جهة المتن.

أمور لا تنقض الوضوء:

هذه أمور اختلف أهل العلم في انتقاض الوضوء بها، والتحقيق أنها لا تنقضه، فمن ذلك:

[١] لمس الرجل المرأة بدون حائل:

هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء: الأول: أن لمس الرجل المرأة ناقض للوضوء مطلقًا، وهو مذهب الشافعي ووافقه ابن حزم، وهو قول ابن مسعود وابن عمر (٣).

الثاني: أنه لا ينقض مطلقًا، وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن


(١) «القواعد النورانية» (ص ٩) عن «تمام المنة» (ص ١٠٥).
(٢) انظر «الضعيفة» للألباني (١١٣٢) و «قصص لا تثبت» لمشهور حسن (ص: ٥٩).
(٣) «الأم» (١/ ١٥)، و «المجموع» (٢/ ٢٣ وما بعدها)، و «المحلى» (١/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>