للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجازًا، لما فيه من معنى القسم، وهو: تقوية عزم الحالف أو عزم غيره على فعل شيء أو تركه، كأن يقول لزوجته: (إن خرجت من البيت فأنت طالق) أو: (إن سافرتُ أنا، فأنتِ طالق) أو (إن زارك فلان فأنت طالق).

فإن كان الطلاق مُعلَّقًا على فعل أحد، كأن يقول لها: (أنت طالق إن طلعت الشمس) فإنه يسمى «تعليقًا» لا يمينًا لانتفاء معنى اليمين، وقيل: يسمى يمينًا أيضًا (١).

حُكْم الحلف بالطلاق:

إذا علَّق الرجل طلاق امرأته على شرط، ثم حدث هذا الشرط، كأن يقول: (أنت طالق لو خرجْت) فَخَرَجَتْ، فهل يقع الطلاق؟

والجواب: أن هذا الرجل، لا يخلو حاله من أحد أمرين:

١ - أن يكون قصد بذلك إيقاع الطلاق حقيقة إذا حصل الشرط الذي علَّق عليه، فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه عند حصول الشرط عند جمهور أهل العلم.

وخالف ابن حزم فقال: لا يقع سواء برَّ أو حنث، بناءً على أصله المعروف: أنه لا طلاق إلا كما أمر الله - عز وجل -، ولا يمين إلا كما أمر الله تعالى وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفًا فليحلف بالله» (٢). فدلَّ على أن كل حلف بغير الله عز وجل فإنه معصية وليس يمينًا.

قلت: والأوَّل أظهر، بل قال شيخ الإسلام: «... وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلَّق، ولم نعلم فيه خلافًا قديمًا، لكن ابن حزم زعم أنه لا يقع به الطلاق، وهو قول الإمامية، مع أن ابن حزم ذكر في «كتاب الإجماع» إجماع العلماء على أنه يقع به الطلاق، وذكر أن الخلاف إنما هو فيما إذا أخرجه مخرج اليمين ...» اهـ (٣).

٢ - أن يكون قصد بذلك حمل الزوجة (حضَّها) على الفعل أو الترك، ولم يكن في نيته الطلاق حقيقة عند وقوع الشرط، بل إنه يكره طلاقها إذا فعلت ما علَّق طلاقها عليه.

فللعلماء في هذا النوع قولان:


(١) «ابن عابدين» (٣/ ٢٤١)، و «المغني» (٧/ ٣٦٩)، وانظر «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٤٧).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٦٦٤٦)، ومسلم (١٦٤٦).
(٣) «المحلي» (١٠/ ٢١١)، و «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٤٦، ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>