للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوك يقول في رجل ملَّك امرأته أمرها، أتملك أن تطلق نفسها؟ قال: لا، كان يقول: «ليس إلى النساء طلاق» (١).

الراجح من الاتجاهين:

ليس في المسألة نص قاطع من القرآن الكريم أو السنة الصحيحة المرفوعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلو ذهب ذاهب إلى أن الطلاق لا يكون إلا بيد الرجل ولو فوّض - غيره لم يكن قد أبعد كثيرًا، وإن كان الذي يظهر لي الاتجاه الأول وهو أن الطلاق لا مانع من أن تدخله النيابة:

لأن الصحابة لم يُنكروا ذلك، حتى أن ما تقدم عن ابن عباس من قول: «إنما الطلاق لك عليها وليس لها عليك» فيحتمل أن يكون إنما أنكر كونها طلقته، وأما تطلق نفسها منه فلا مانع منه كما يظهر في الأثر الآتي:

عن علقمة عن ابن مسعود قال: جاء إليه رجل فقال: كان بيني وبين امرأتي بعض ما يكون بين الناس، فقالت: لو أن الذي بيدك من أمري بيدي لعلمت كيف أصنع، فقال: إن الذي بيدي من أمري بيدك، قالت: فأنت طالق ثلاثًا، فقال [أي: ابن مسعود]: «أراها واحدة وأنت أحق بالرجعة وسألقي أمير المؤمنين عمر» فلقيه فقصَّ عليه القصة قال: فقال: «فعل الله بالرجال، وفعل الله بالرجال، يعمدون إلى ما في أيديهم فيجعلونه في أيدي النساء بفيها التراب، ماذا قلتَ؟» قال: «قلتُ: أراها واحدة وهو أحق بها» قال: [أي: عمر]: «وأنا أرى ذلك، ولو رأيتَ غير ذلك لرأيتُ أنك لم تُصب».

قال منصور (٢): فقلت لإبراهيم: فإن ابن عباس يقول: خطأ الله نوترها، لو كانت قالت: طلَّقت نفسي؟ فقال إبراهيم: هما سواء (٣).

وعن ابن عمر قال: «إذا جعل الرجل أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها واحدة فهي واحدة، أو اثنتين فثنتين، أو ثلاث فثلاث، إلا أن يناكرها ويقول: لم أجعل الأمر إليك إلا في واحدة فيحلف على ذلك، وإن ردَّت الأمر فليس بشيء» وكان يقول: «القضاء ما قضت» (٤).


(١) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١١٩١٣).
(٢) وهو الراوي عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٦/ ٥٢٠)، وسعيد بن منصور (١٦٤٠)، والبيهقي (٧/ ٣٤٧).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه سعيد بن منصور (١٦٢٠)، ومالك (٢/ ٥٥٣)، وعبد الرزاق (١١٩٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>