للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موصولة بالغائط بعد ذكر الجنابة، فأشبهت الملامسة أن تكون باليد، والقبلة غير الجنابة» اهـ.

ويؤيد هذا أن ابن عبد البر نقل عن الشافعي أنه قال: «إن ثبت حديث معبد بن نباتة (١) في القبلة لم أر فيها ولا في اللمس وضوء» اهـ ونقل الحافظ في «التلخيص» (ص: ٤٤) نحوه!!

قلت: ومما يؤيد أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء ما يلي:

١ - حديث عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ....» (٢).

٢ - وعنها قالت: «كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجليَّ، فإذا قام بسطتهما» قالت: «والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح» (٣) وفي لفظ: «حتى إذا أراد أن يوتر مسَّني برجله» (٤).

٣ - قد كان المسلمون دائمًا يمسون نساءهم، وما نقل أحد عنه أنه كان يأمر المسلمين بالوضوء من ذلك، ولا نقل عن الصحابة على حياته أنه توضأ من ذلك، ولا نقل عنه أنه توضأ من ذلك، بل قد نُقل عنه في «السنن»: «أنه كان يقبل بعض نسائه، ولا يتوضأ» (٥) وقد اختلف في صحة هذا الحديث، لكن لا خلاف أنه لم ينقل عنه الوضوء من المسِّ» (٦) اهـ. وأما القول بالنقض بشهوة وعدمه بدونها فلا برهان عليه، لكن قد يقال: إن توضأ من المسِّ بشهوة -دون الجماع- فهو حسن لإطفاء الشهوة كما يستحب الوضوء من الغضب لإطفائه، وأما وجوبه فلا، والله أعلم.


(١) وهو حديث عائشة في تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه قبل الخروج للصلاة وسيأتي، فلما علَّق الحكم على ثبوته دلَّ على تردده في تأويل الآية.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٢٢)، وأبو داود (٨٦٥)، والترمذي (٣٨١٩).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٣٨٢)، ومسلم (٢٧٢) وغيرهما.
(٤) إسناده صحيح: أخرجه النسائي (١/ ١٠١).
(٥) أعلَّه الأئمة: أخرجه أبو داود (١٧٨)، والنسائي (١/ ١٠٤)، وأعلَّه المتقدمون وانظر «سنن الدارقطني» (١/ ١٣٥ - ١٤٢).
(٦) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٤١٠، ٢٠/ ٢٢٢) ومواضع أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>