للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحكم في غير المبتونة، فإنها تعتد حيث شاءت - على الأرجح - لما سيأتي من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس أن تعتدَّ في بيت ابن أم مكتوم، وقد كانت طُلِّقت البتة (١).

وهل للمعتدَّة الخروج من بيتها؟ اختلف العلماء في هذا بعد اتفاقهم على أنه يجب عليها ملازمة المسكن في العدة، وأنها لا تخرج منه إلا لحاجة أو عذر:

١ - ففي المطلقة الرجعية: فالأحناف والشافعية: لا يجوز لها الخروج من مسكن العدة لا ليلًا ولا نهارًا للآية الكريمة، ولأن الرجعية زوجته فعليه القيام بكفايتها، فلا تخرج إلا بإذنه.

وقال المالكية والحنابلة: يجوز لها الخروج نهارًا لقضاء حوائجها، وتلزم منزلها بالليل لأنه مظنة الفساد واستدلوا بحديث جابر قال: طُلقت خالتي ثلاثًا، فخرجت تجدُّ نخلًا لها، فلقيها رجل فنهاها، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت ذلك له، فقال: «اخرجي فجدِّين خلك، فلعلك أن تصدقي

منه أو تفعلي خيرًا» (٢) قلت: في الاستدلال به نظر ظاهر، فالحديث صريح في أنها مبتوتة، والكلام هنا على الرجعية (!!) والأظهر القول الأول لعموم الآية وعدم المخصص.

وأما المطلقة البائن: فذهب الجمهور، ومعهم الثوري والأوزاعي والليث - خلافًا للحنفية - (٣) إلى أنه يجوز لها الخروج نهارًا لقضاء حوائجها ولتتكسَّب سواء كانت بائنًا بينونة صغرى أو كبرى لحديث جابر المتقدم، وهو نص في المسألة فيتعيَّن القول به والله أعلم.

[٢] بالنسبة للمعتدة من وفاة الزوج:

ذهب جمهور العلماء إلى أن المعتدة من وفاة زوجها يجب عليها أن تعتدَّ في بيت الزوجية كذلك حتى أنها لو كانت حين وفاته عند أهلها - أو نحوه - فعليها أن تعود لتعتد في بيت زوجها الذي كانت تسكنه قبل وفاته، وحجتهم:

١ - حديث فريعة بنت مالك بن سنان - أخت أبي سعيد الخدري - «أنها جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة وأن زوجها خرج في


(١) صحيح: يأتي في «النفقة والسكنى للمعتدة».
(٢) صحيح: أخرجه مسلم.
(٣) «البدائع» (٣/ ٢٠٥)، و «الدسوقي» (٢/ ٤٨٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٠٣)، و «المغني» (٩/ ١٧٠ - وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>