للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعوض كالبيع، ولأن الله تعالى أضاف الفدية إلى الزوجة فقال سبحانه {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} (١).

٣ - أن الأصل بقاء النكاح إلى أن يثبت المزيل له، وحينئذ فلا يملك الزوج البدل، ولا يقع الطلاق إن لم يتبع به، فإن أتبع به كان رجعيًّا.

قلت: أما صحة مخالعة الفضولي مطلقًا وبدون إذن الزوجة وعلمها، فلا أراه متَّجهًا، لاحتمال أن يخالع عنها ببذله ماله ليغري زوجها على مفارقتها نكاية بها وإضرارًا، أو أن يخالع عنها لمصلحته كأن يريد بذلك تزويجها أو تزويج زوجها قريبة له، ونحو ذلك، لكن لو علم من حال الزوجة إرادتها للخُلع لمسوِّغ شرعي ولكن ليس عندها من المال ما تبذله، فأعطاها ما تبذله وتخالع هي فهذا أحسن.

وهذا القول يلزم القائلين بأن الخلع فسخ، إذ أن الفسخ بلا سبب لا ينفرد به الزوج، فلا يصح طلبه منه، والله أعلم.

الركن الثالث: العِوَض (المال):

العِوَض: ما يأخذه الزوج من زوجته في مقابل خلعه لها، وضابطه عند الجمهور: أن يصلح جعله صداقًا، فإن ما جاز أن يكون مهرًا: جاز أن يكون بدل الخلع.

هل يصح «خُلع» بدون عوَض؟ اختلف العلماء فيما إذا قالت المرأة لزوجها: (اخلعني) فقال لها: (قَد خلعتك) ولم يكن هذا على عوض، هل يصح عقد الخلع؟ على قولين (٢):

الأول: يصح الخلع بلا عوض: وهو مذهب الحنفية والمالكية ورواية في مذهب أحمد، وحجتهم:

١ - أن الخلع قطع للنكاح فصحَّ من غير عوض كالطلاق.

٢ - ولأن الأصل في مشروعية الخلع أن توجد من المرأة رغبة عن زوجها وحاجة إلى فراقه، فتسأله فراقها، فإذا أجابها حصل المقصود من الخلع، فصحَّ كما لو كان بعوض.


(١) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٢) «ابن عابدين» (٣/ ٤٤٠)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٤)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٣٣٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٦٨)، و «الأم» (٥/ ١٨٣)، و «المغني» (٧/ ٦٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٣٠)، و «الفتاوى» (٣٢/ ٣٠٤)، و «المحلي» (١٠/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>