للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: لا يصح إلا بعوض: وهو مذهب الشافعي والرواية الأخرى عن أحمد، وهو الذي استقر عليه متأخرو فقهاء الحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام، والظاهر أنه مذهب ابن حزم، وحجتهم ما يلي:

١ - أن الله تعالى علَّق الخلع على مسمَّى الفدية، فقال عز وجل: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} (١).

٢ - أن امرأة ثابت بن قيس لما أرادت أن تخالع زوجها، قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فتردِّي عليه حديقته؟» قالت: نعم، فردَّت عليه، وأمره ففارقها (٢) قلت: وهو في معنى الشرط.

٣ - أن حقيقة الخلع: إن كان فسخًا - على ما هو الأرجح - فلا يملك الزوج فسخ النكاح إلا بعيبها.

٤ - أنه لو قال: (فسخت النكاح) ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء، بخلاف ما إذا دخله العوض فإنه يصير معاوضة، فلا يجتمع له العوض والمعوض.

وعلى القول بأن الخلع طلاق، فهو كناية لا يقع إلا بالنية أو بذل المعوض، وههنا لم يوجد واحد منهما.

وعلى فرض أنه طلاق وليس فيه عوض، لا يقتضي البينونة إلا أن تكمل الثلاث.

الراجح:

والذي يبدو لي أنه لا يكون خُلعًا إلا إذا كان على عوض، ولا أعرف في الكتاب أو السنة ما يدل على صحة الخلع بدون عوض، والله أعلم.

مقدار العِوَض في الخلع:

اختلف الفقهاء في مقدار العوض الذي يجوز بذله وأخذه، على ثلاثة أقوال (٣):

الأول: لا يُستحب أن يكون أكثر مما أعطاه: وهو قول الحنابلة، والظاهر منه


(١) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٢) صحيح: تقدم مرارًا.
(٣) «الهداية» (٣/ ٢٠٣)، و «البحر الرائق» (٤/ ٨٣)، و «حاشية الصاوي» (٢/ ٥١٧)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٧٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٦٥)، و «المغني» (٧/ ٥٢)، و «المحلي» (١٠/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>