للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: التفصيل حسب نشوز الزوج أو الزوجة: وهو قول الحنفية، قالوا:

(أ) إن كان النشوز من جهة الزوج كُره له كراهة تحريم أخذ شيء منها، لقوله تعالى: {وإنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (١). ولأنه أوحشها بالفراق فلا يزيد إيحاشها بأخذ المال.

(ب) وإن كان النشوز من جهة الزوجة فله أن يأخذ ما تبذله ولو زاد على ما أعطاها، وعندهم رواية أخرى أنه لا يأخذ - في هذه الحالة - أكثر مما أعطاها.

قلت: بقول الحنفية أقول عند إعضال الزوج وحدوث النشوز من جهته، وأما إن كان من جهتها فلا مانع من اتفاقهم على ما فوق مهرها إذا تراضيا، لعموم الآية الكريمة ولعدم ثبوت ردِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيادة على مهرها، والله أعلم.

فوائد تتعلق بالعوَض:

[١] المهر المؤجَّل يصلح أن يكون عوضًا في الخُلع (٢): لأنه دين في ذمة الزوج، والدين مال حكمي أي له حكم المال، فيدخل في عموم قوله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} (٣).

[٢] يجوز أن يكون العوض منفعة (٤): كأن يخالعها على إرضاع ولده منها، أو من غيرها مدة معلومة - كما ذكر المالكية والشافعية - أو مطلقة - كما ذكر الحنابلة - فإن ماتت المرضعة أو الصبي أو جفَّ لبنها قبل ذلك، فعليها أجرة المثل لما بقي من المدة، لأنه عوض معين تلف قبل قبضه فوجبت قيمته أو مثله.

[٣] لا يجوز أن يكون العوض (إخراج المرأة من مسكنها (٥): لأن سكناها فيه إلى انقضاء العدة حق لله، قال تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ولا يَخْرُجْنَ إلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} (٦). فلا يجوز لأحد إسقاطه لا بعوض ولا بغيره.

الركن الرابع: صيغة الخلع:

وهو ما ينعقد به عقد الخُلع، وهو الإيجاب من أحد طرفي هذا العقد، والقبول من الطرف الآخر، فصيغة العقد ما يتحقق به الإيجاب والقبول.


(١) سورة النساء: ٢٠.
(٢) «فتح القدير» (٣/ ٢١٦)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٣٩١)، و «المفصَّل» (٨/ ١٩٩).
(٣) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٤) «الدسوقي» (٢/ ٣٥٧)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٩٩)، و «المغني» (٧/ ٦٤ - ٦٥).
(٥) «البدائع» (٣/ ١٥٣)، و «الدسوقي» (٢/ ٣٥٠ - الفكر)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٦٥).
(٦) سورة الطلاق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>