للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم: «وأيضًا فإنه سبحانه علَّق عليه أحكام الفدية بكونه فدية، ومعلوم أنَّ الفدية لا تختص بلفظ - ولم يُبيّن الله سبحانه لها لفظًا معينًا، وطلق الفداء طلاق مقيَّد ولا يدخل تحت أحكام الطلاق المطلق، كما لا يدخل تحتها في ثبوت الرجعة والاعتداد بثلاثة قروء بالسنة الثابتة، وبالله التوفيق» اهـ. (١).

قلت: وهو الصحيح: أن الخلع فسخ بأي لفظ وقع ولو بلفظ الطلاق، بل ولو بنية الطلاق ما دام على عوض، وهذا هو المنقول عن ابن عباس وأصحابه وأحمد بن حنبل وقدماء أصحابه (٢).

ويبدو أنه مذهب الظاهرية والله أعلم.

هل يشترط - لجواز الخُلع - إذنُ القاضي؟ (٣)

ذهب الحسن البصري إلى عدم جواز الخلع دون السلطان، واختاره أبو عبيد واستدل بقوله تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله} (٤). وقوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} (٥). قال: فجعل الخوف لغير الزوجين، ولم يقل: فإن خافا.

قلت: وقد يحتج القائل بهذا - وإن كنت لم أره - بحديث امرأة ثابت بن قيس إذا رفعت الأمر - في إرادتها الخلع - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكنه لا يفيد الشرطية كما لا يخفى.

وذهب الجماهير من أهل العلم إلى جواز الخلع من غير إذن القاضي، واحتجوا بما يلي:

١ - أجابوا عن قوله تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله} (٦) بأن المراد منها:

إذن الأئمة وتمكينهم من الخلع إذا خافوا عليهما عدم القيام بالواجب فيما إذا ارتفعوا إليهم، وليس المراد وجوب الترافع إليهم لأخذ الإذن منهم لإجازة الخلع فيما بينهم.


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٢٠٠).
(٢) «الفروع» (٥/ ٣٤٦)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٩٣).
(٣) «فتح الباري» (٩/ ٣٠٨) - سلفية)، و «فتح القدير» (٣/ ٢٠٢)، و «المبسوط» (٦/ ١٧٣)، و «الدسوقي» (٢/ ٣٤٧)، و «المغني» (٧/ ٥٢)، و «المحلي» (١٠/ ٢٣٧).
(٤) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٥) سورة النساء: ٣٥.
(٦) سورة البقرة: ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>