للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فالأئمة والحكام يمنعونهم من الخلع عند عدم هذا الخوف بالقول والفتوى، وليس بالحكم والالتزام.

٢ - قوله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} (١). فيه إباحة الأخذ من الزوجة بتراضيهما من غير سلطان.

٣ - عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: أُتي بشر بن مروان في خلع كان بين رجل وامرأة فلم يجزه، فقال له عبد الله بن شهاب الخولاني: «قد أُتي عمر في خلع فأجازه» (٢) أي بدون إذن السلطان.

٤ - أن الطلاق جائز دون الحاكم وإذنه، فكذلك الخلع.

٥ - أن الخلع عقد معاوضة فلم يفتقر إلى السلطان كالبيع والنكاح.

والراجح: قول الجمهور - بلا شك - لعدم الدليل على اشتراط إذن القاضي، لكن ينبغي أن يلاحظ ما ذكرناه من أهمية الإشهاد على الطلاق وتوثيقه، فالأمر في الخلع أعظم، والله أعلم.

هل للقاضي أن يحكم بالخلع من غير رضا الزوج؟ (٣)

تقدم في قصة امرأة ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «فتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فردَّت عليه وأمره ففارقها» وهو أمر إرشاد وإصلاح لا إيجاب - عند الجمهور - فلذا فإنه لا يصح الخلع إلا برضا الزوج، ولذا قال ابن حزم: «فلها أن تفتدي منه، ويطلقها إن رضى هو» اهـ.

لا يشترط الطُّهر لصحة الخُلع:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخلع جائز في كل وقت، حتى ولو في الحيض، أو في الطهر الذي جامعها فيه، لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بتطويل العدة، والخلع شُرع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة، والمقام مع من تكرهه وتبغضه، وذلك أعظم من ضرر طول العدة، فجاز دفع أعلاهما - أي الضررين - بأدناهما، ولذلك لم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - المختلعة عن


(١) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٢) علَّقه البخاري (٩/ ٣٠٦)، ووصله ابن أبي شيبة.
(٣) «المحلي» (١٠/ ٢٣٥)، و «فتح الباري» (٩/ ٣١٢ - سلفية).

<<  <  ج: ص:  >  >>