للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: عدة المختلعة هي عدَّة المطلَّقة (ثلاثة قروء): وهو قول الجمهور: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة - في المذهب - وبه قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والحسن والشعبي والنخعي والزهري وغيرهم، وحجة هذا القول:

١ - أن الخلع طلاق (!!) فتدخل المختلعة في عموم قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} (١).

وقد أُجيب عنه (٢): بأنه لا يجوز الاحتجاج بالآية حتى يبين أن المختلعة مطلقة، وهذا محل النزاع، وقد تقدم تحريره، ولو قُدِّر شمول نص الآية لها، فالخاص يقضي على العام، والآية قد استُثنى منها غير واحدة من المطلقات: كغير المدخول بها، والحامل، والأمة التي لم تحض، وإنما تشمل المطلقة التي لزوجها عليها الرجعة.

٢ - أنها فرقة بعد الدخول، فكانت ثلاثة قروء كغير الخلع!! وأُجيب (٣): لا يُسلَّم أن العلة في الأصل مجرد الوصف المذكور، ولا يسلَّم الحكم في جميع صور القياس، ثم هو منقوض بالمفارقة لزوجها وقد دلت السنة على أن الواجب منهما الاستبراء.

٣ - عن نافع عن ابن عمر قال: «عدَّتها - أي: المختلعة - عدَّة المطلَّقة» (٤).

وأجيب: بأنه قد ثبت عن ابن عمر أيضًا خلافه، فعن نافع عن ابن عمر قال: «عدَّةُ المختلعة حيضة» (٥).

ويؤيد هذه الرواية أن نافعًا - أيضًا - سمع الرُّبيع بنت مُعوِّذ وهي تخبر عبد الله ابن عمر - رضي الله عنهما - أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان، فجاء عمُّها إلى عثمان بن عفان، فقال له: إن ابنة معوِّذ اختلعت من زوجها اليوم، أفتنتقل؟ فقال عثمان: «لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة خشية أن يكون بها حبل» فقال ابن عمر: «فعثمان خيرنا وأعلمنا» (٦) فلعل ابن عمر رجع عن قوله الأول.


(١) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٢)، (٣) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣٢٨).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ».
(٤)
(٥) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (٢٢٣٠).
(٦) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة، وابن حزم في «المحلي» (١٠/ ٢٣٧)، والبيهقي (٧/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>