للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ظاهرت الزوجة من زوجها (!!) فما الحكم؟ (١)

تقدم أنه لا يقع الظهار إلا إذا صدر عن الزوج، لكن لو قالت المرأة لزوجها مثلًا: (أنا عليك كظهر أمك- أو - أنت عليَّ كظهر أبي): فذهب الحنابلة - وهو اختيار شيخ الإسلام- إلى أن عليها - إذا وطئها زوجها - كفارة ظهار، وإن كان قولها لم يقع به الظهار، لما صحَّ: «أن عائشة بنت طلحة ظاهرة من المصعب بن الزبير إن تزوجته، فاستُفتى لها فقهاء كثيرة بالمدينة، فأمروها أن تكفِّر، فأعتقت غلامًا لها ثمنه ألفين» (٢).

قالوا: فأفتاها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -بالكفارة، ولأنها زوج أتى بالمنكر من القول والزور كالآخر، ولأن الظهار يمين مُكفَّرة فاستوي فيها المرأة والرجل.

وذهب جمهور العلماء: أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم إلى أن ظهارها لغو، لأن التحريم ليس إليها وهي لا تملك الظهار بالقول - كما تقدم - فلا حرمة عليها إذا مكَّنته من نفسها، ولا كفارة عليها، لا كفارة ظهار ولا كفارة يمين.

قلت: ومذهب الجمهور أرجح، لأنهم جميعًا متفقون على أنه لا يقع بقولها ظهار فكيف رُتِّب عليه ظهار الرجل؟! ثم كيف يكون عليها كفارة ظهار والظهار لم يقع، والله أعلم.

[٢] الركن الثاني: المُظاهَر منها (الزوجة) (٣):

ويشترط في المظاهر منها أن تكون زوجة شرعًا للمظاهر، أي تكون مرتبطة به بعقد نكاح صحيح، وأن تكون الزوجية بينهما قائمة، فيصحُّ الظهار من المطلَّقة الرجعية في عدَّتها لأنها زوجته حكمًا حتى تنتهي عدتها.

وهل يظاهر من الأَمَة؟ ذهب الجمهور إلى أنه لا يصحُّ ظهار الأمة لعدم دخولها في قوله تعالى: {والَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِّسَائِهِمْ} (٤). قالوا: وليست الأمة من النساء، أي الأزواج.

وقال مالك - رحمه الله - يصح الظهار من الأمة لعموم لفظ النساء.


(١) «ابن عابدين» (٣/ ٤٦٧)، و «الدسوقي» (٣/ ٤٣٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٢٩).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرازق (٦/ ٤٣٣)، وسعيد بن منصور (١٨٤٨).
(٣) «البدائع» (٣/ ٢٣٣)، و «مغنى المحتاج» (٣/ ٣٥٣)، و «فتح الباري» (٩/ ٤٣٤ - المعرفة).
(٤) سورة المجادلة: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>