للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وذهب الشافعي- في القول الثاني وهو الأظهر عند الشافعية- وبعض المالكية والرواية الأخرى عن أحمد: إلى أنه يجوز الاستمتاع بما دون الوطء قبل التفكير، ووجهه أن المراد بالتماس في الآية: الجماع، فلا يحرم ما عداه من التقبيل والمس بشهوة والمباشرة دون الفرج، ولا يلزم من تحريم الجماع تحريم دواعيه كما في الحائض والصائم.

قلت: لعل الأوَّل أقرب لاسيما عند من يحمل المشترك اللفظي على جميع معانيه، إذ التماس حقيقة الملامسة والجماع، ثم إن الحرمة قد حصلت بتشبيهه زوجه بأمه فحرمت عليه حتى يكفِّر، وحرمة أمِّه تمنع الاستمتاع مطلقًا، فكذا حرمة الزوجة المظاهرة، والله أعلم.

إذا وطئها قبل الكفارة: فعليه أن يستغفر الله من ذلك، وأن لا يقربها حتى يكفّر، وتلزمه كفارة واحدة، لما تقدم في حديث سليمان بن صخر، فإنه وطئ قبل أن يكفِّر فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم -بكفارة واحدة، وعلى هذا أكثر أهل العلم.

فائدة: للمرأة - بعد أن يظاهر منها - الحقُّ في مطالبة الزوج بالوطء، وعليها أن تمنع الزوج من الوطء حتى يُكفِّر، فإن امتنع عن التكفير، فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي، وعلى القاضي أن يأمر بالتكفير (١).

[٣] وجوب الكفارة على المُظاهر قبل الوطء:

أمر الله تعالى المظاهرين بالكفارة إذا عزموا على معاشرة أزواجهم اللاتي ظاهروا منهن في قوله تعالى: {والَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ...} (٢).

والأمر يدلُّ على وجوب المأمور به، ولأن الظهار معصية لما فيه من المنكر والزور، فأوجب الله الكفارة على المظاهر حتى يغطي ثوابها وزر هذه المعصية.

مُوجِبُ الكفارة:

قال الله تعالى: {والَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} (٣). وقد اختلف أهل العلم: هل تجب الكفارة بمجرد الظهار؟ أم لا تجب إلا به وبالعود؟


(١) «الموسوعة الفقهية» (٢٩/ ٢٠٥)
(٢) سورة المجادلة: ٣.
(٣) سورة المجادلة: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>