للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قال: المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يُبيَّن، قال: لا حجة في الآية أو الحديث حتى ولو صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثًا أكبر أو أصغر (١).

فعلم أنه لا دليل على إيجاب الوضوء لمسِّ المصحف، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وابن حزم وبه قال ابن عباس وجماعة من السلف واختاره ابن المنذر (٢)، والله أعلم.

فائدة: قراءة القرآن -من غير مسٍّ- للمحدث: سواء الحدث الأصغر أو الأكبر فلا بأس بها -في أظهر أقوال العلماء- والأمر فيها أيسر من الأمر في مسِّ المصحف لأمور:

١ - لا يصح شيء مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في المنع من القراءة، وكل ما ورد ضعيف لا تقوم به حجة، كحديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن»، وحديث ابن رواحة: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ أحد منا القرآن وهو جنب»، وحديث عبد الله بن مالك: «إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت، ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل» فكلها لا تصح (٣).

٢ - ثبت عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه» (٤).

٣ - أنه صلى الله عليه وسلم أمر الحُيَّض بالخروج يوم العيد «فيكُنَّ خلف الناس فيكبرون بتكبيرهم ويدعون بدعائهم ...» (٥) ففيه أن الحائض تكبر وتذكر الله تعالى.

٤ - وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة وهي حائض: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» (٦) ومعلوم أن الحاج يذكر الله ويقرأ القرآن.


(١) «البدائع» (١/ ٣٣)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ١٧٣)، و «المحلى» (١/ ٨١)، و «الأوسط» (٢/ ١٠٣).
(٢) انظرها في «الإرواء» (١٩٢، ٤٨٥) للعلامة الألباني وتعليق الشيخ مشهور على «الخلافيات» للبيهقي (٢/ ١١) فليراجع.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٣٧٣)، وعلقه البخاري قبل الحديث (٦٠٨).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٩٧١)، ومسلم (٨٩٠).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (١٦٥٠).
(٦) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٤٥٩)، و «الأوسط» (٢/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>