للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصح لعان الأخرس والخرساء: إذا كانت إشارتهما مفهومة ويحسنان التعبير بها قذفًا ولعانًا، وكذا بكتابتهما إن كانا يحسنان الكتابة؛ لأن الحاجة تدعو الزوج إلى اللعان، ولا سبيل إليه إلا بإشارته أو كتابته، فينبغي قبول ذلك منه كما في طلاقه، وبهذا قال الجمهور خلافًا للحنفية (١).

رابعًا: شروط ترجع إلى المقذوف به: يجري اللعان بسبب قذف الرجل لزوجته بأحد شيئين:

[١] بالزنى فقط (بغير نفي الولد):

فيشترط أن يقذفها بلفظ صريح في دلالة على الزنا كقوله (يا زانية- أو: أنت زنيت- أو: رأيتك تزنين) ونحو ذلك، فإن قذفها بلفظ كنائي كقوله: يا فاسقة أو يا خبيثة مما يحتمل الزنى وغيره، لم يعتبر قذفًا ولم يستوجب حدًّا ولا لعانًا.

ويشترط في الفعل الذي قذفها من أجله أن يكون زنى شرعًا، بمعنى أنه فعل يجب به الحد أو القذف.

[٢] بنفي الولد أو الحمل:

ويشترط في القذف بنفي النسب أن يكون بصيغة صريحة الدلالة عليه، كأن يقول: (هذا الولد من الزنى- أو: هذا الولد ليس منِّي).

فإن عرَّض بذلك ولم يصرِّح فلا يعتبر قذفًا لزوجته بنفي ولدها، لحديث أبي هريرة قال: «جاء رجل من بني فزارة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل لك من إبل؟» قال: نعم، قال: «ما ألوانها؟» قال: حُمر، قال: «هل فيها من أورق؟» (٢) قال: إن فيها لورقًا، قال: «فأني آتاها ذلك؟» قال: «عسى أن يكون نزعه عِرْق» (٣)، قال: «وهذا عسى أن يكون قد نزعه عِرق» (٤).

قال النووي: فيه أن التعريض بنفي الولد ليس نفيًا وأن التعريض بالقذف ليس قذفًا، وهو مذهب الشافعي وموافقيه. اهـ. ونسب ابن حجر في «الفتح» (٩/ ٤٤٣) هذا القول إلى الجمهور.


(١) «البدائع» (٣/ ٢٤١)، و «مغنى المحتاج» (٣/ ٣٧٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٤٢)، و «المحلي» (١٠/ ١٤٣).
(٢) أي: الذي فيه سواد ليس بصاف.
(٣) يعني: هذا اللون موجود في أصوله البعيدة، فأشبهه.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>