للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصحُّ قذف الزوج زوجته بنفي حملها حال الحمل، كما يصحُّ ملاعنتها أثناء الحمل - في أصح قولي العلماء- لما تقدم في حديث سهل بن سعد في قصة لعان عويمر-: «قال سهل: وكانت - أي زوجة عويمر - حاملًا، وكان ابنها يدعي إلى أمه ...» الحديث (١) وكذلك في حديث لعان هلال ابن أمية (٢).

وبهذا قال الشافعية والمالكية واختاره ابن قدامة من الحنابلة (٣)، لكن لو أخرَّ قذفه ولعانة إلى أن تضع حملها، حتى يتيقَّن من حملها فقد يكون انتفاخ بطنها لعلة غير الحمل، لكان أولى، إلا أنه لو تيقَّن من حملها عن طريق الكشف بالوسائل الحديثة، فالحكم كما تقدم.

خامسًا: شروط ترجع إلى وصف القذف:

فيشترط أن يكون القذف منجزًا: لا معلقًا على شرط ولا مضافًا إلى وقت مستقبل، لأن ذكر الشرط أو الوقت يمنع وقوعه قذفًا في الحال، وعند وجود الشرط أو الوقت يجعل كأنه نجَّز القذف، كما في سائر التعليقات، والإضافات، فكان قاذفًا تقديرًا مع انعدام القذاف حقيقة، فلا يجب الحد - أي حد القذف - وبالتالي لا يجب اللعان (٤).

فلو قال لزوجته (إن دخلت الدار فأنت زانية، أو: أنت زانية من الغد) لم يعتبر قذفًا يستوجب اللعان، لأنه غير مُنجَّز.

سادسًا: أن يُجرَى اللعان بحضرة القاضي وأمره:

فلا يصحُّ اللعان إلا بحضرة القاضي وأمره أو من يقوم مقامه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -أمر هلال أبن أمية أن يأتي بزوجته، فتلاعنا بحضرته - صلى الله عليه وسلم -، ولأن اللعان إما يمين وإما شهادة - وقد تقدم تحريره- فأيهما كان فمن شروطه أن يكون أمام القاضي، لأن اليمين والشهادة لا تؤديَّان إلا بحضرته، وبهذا قال الشافعية والحنابلة (٥).

وإن تراضيا بغير القاضي ليلاعن بينهما صح عند الشافعية -إذا لم يكن ينفي الولد - ولم يصحَّ عند الحنابلة بحال، وهو الأقرب، والله أعلم.


(١)، (٥) تقدم الحديثان في أول الباب.
(٢) «البدائع» (٣/ ٢٤٠)، و «الصاوي» (١/ ٤٩٢)، و «المغني» (٧/ ٤٢٣)، و «المجموع» (١٦/ ٤١٥) ..
(٣) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٣)، و «المبسوط» (٧/ ٤٦).
(٤)
(٥) «مغنى المحتاج» (٣/ ٣٧٦)، و «المغنى» (٧/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>