للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيفية إجراء اللِّعان (١):

المتحصَّل من النصِّ القرآني، والأحاديث الثابتة في الباب، أن صفة اللعان كالآتي:

١ - يُسنُّ التلاعن بمحضر جماعة من الناس يشهدونه: فإن ابن عباس وسهل ابن سعد وابن عمر، حضروه مع حداثة أسنانهم، فدلَّ على أنه حضره جمع كثير، فإن الصبيان إنما يحضرون مثل هذا تبعًا للرجال، وقد قال سهل: «... فتلاعنا وأنا مع الناس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ...» (٢).

وحكمة هذا - والله أعلم - أن اللعان بُني على التغليظ مبالغة في الردع والزجر، وفعله في الجماعة أبلغ في ذلك.

٢ - ويكون الزوجان قائمين عند التلاعن، ليشاهدهما الحاضرون فيكون أبلغ في شهرته وأوقع في النفوس، وفي حديث المرأة الملاعنة: «... ثم قامت فشهدت ...» (٣).

٣ - يبدأ القاضي بتذكيرهما بالتوبة قبل الشروع في التلاعن، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -للمتلاعنين - كما في حديث ابن عباس -: «إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟» فإن امتنع الزوج عن اللعان: حُدَّ حَدَّ القذف عند الجمهور خلافًا للحنفية، فقالوا: يُحبس حتى يُلاعن أو يكذِّب نفسه (٤) وقول الجمهور أصحُّ، لأن الحدَّ عام في كل قاذف أجنبيًّا كان أو زوجًا إذا لم يكن له شهود، لكن الله تعالى أقام اللعان للزوج مقام الشهود - كما في الآية الكريمة - فوجب إذا نكل الزوج أن يكون بمنزلة

من قذف ولم يكن له شهود، أي أنه يُحدُّ، وإن كذَّب نفسه ورجع عما رماها به حُدَّ بلا خلاف، فإذا أصر على اللعان:

٤ - يبدأ القاضي بالزوج فيقيمه، ويقول له: قل أربع مرات: (أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا)، ولو كان اللعان بنفي الولد، أمره أن يقول أربع مرات: (أشهد بالله لقد زنت، وما هذا الولد بولدي) ويعيِّن الولد.


(١) «المحلى» (١٠/ ١٤٣)، و «المغنى» (٧/ ٤٣٦)، و «الزاد» (٥/ ٣٧٦ - وما بعدها).
(٢) صحيح: تقدم تخريجه.
(٣) صحيح: وهذا في حديث ابن عباس المتقدم في قصة لعان هلال ابن أمية.
(٤) «فتح القدير» (٣/ ٢٥١)، و «الأم» (٥/ ٢٩٢)، و «بداية المجتهد» (٢)، و «المغنى» (٧/ ٤٤٤)، و «المحلى» (١٠/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>