للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثار اللِّعان (ما يترتَّب عليه):

إذا تم التلاعن بين الزوجين على الصفة السابق ذكرها، فإنه يترتَّب عليه أمور، وهي:

[١] إسقاط الحَدِّ عنهما (١):

قال الله تعالى: {والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إلاَّ أَنفُسُهُمْ ..... والْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (٢).

وفي الآيات الكريمة دلالة على سقوط حد القذف عن الزوج، إذا قام باللعان، وسقوط حد الزنى عن الزوجة إذا لاعنت زوجها، وبهذا قال أهل التفسير.

ويدل على هذا كذلك ما جاء في حديث ابن عباس - في ملاعنة امرأة هلال بن أمية-:

فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابع الأليتين خَدَلج الساقين فهو لشريك ابن سحماء» فجاءت به كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن» (٣).

[٢] أن الملاعنة لا تُرمي بالزنا، ومن رماها حُدَّ (٤):

وهذا لأن لعانها نفى عنها تحقيق ما رُميت به، فيُحدُّ قاذفها وقاذف ولدها، وهذا دلَّت عليه رواية أبي داود (٢٢٥٦) لحديث ابن عباس: «..... فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُدعى ولدها لأب، ولا تُرمى، ولا يُرمى ولدُها، ومن رماها أو رمى ولدها، فعليه الحدُّ، وقضى ألا بيت لها عليه ولا قوت، من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، ولا متوفى عنها».

قلت: وسندها ليِّن وقد ذكر الحافظ في التلخيص (٣/ ٢٢٧) لها شاهدًا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهذا مذهب الجمهور.


(١) «مغنى المحتاج» (٣/ ٣٨٠)، و «المغنى» (٧/ ٤٤٤).
(٢) سورة النور: ٦ - ٩.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٤٧٤٧) وغيره وقد تقدم.
(٤) «زاد المعاد» لابن القيم (٥/ ٤٠٢) ط. الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>