للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أن لا يكون للزوج الممتنع عن النفقة مال ظاهر، سواء أكان ذلك لإعساره، أم للجهل بحاله، أم لأنه غيَّب ماله، ففي جواز رفع الزوجة إلى القاضي وطلبها التفريق لذلك خلاف بين أهل العلم، يمكن تلخيصه في ثلاثة مذاهب (١):

الأول: يجوز التفريق لعدم الإنفاق: وهو مذهب الجمهور: المالكية والشافعية والحنابلة وهو مروي عن عمر وعليٍّ وأبي هريرة، وبه قال ابن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز وربيعة وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور، ومن أدلتهم:

١ - قوله تعالى: {ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا} (٢).وإمساك المرأة بدون النفقة عليها إضرار بها.

٢ - قوله تعالى: {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ} (٣). وإمساك الزوجة مع ترك الإنفاق عليها ليس إمساكًا بمعروف، فيتعين التسريح.

٣ - حديث أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الصدقة ما ترك غنيَّ، واليد العليا خير من اليد السفلى، وأبدأ بمن تعول» تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تُطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: أطعمني، إلى من تدعني؟ قالوا: يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا، هذا من كيس أبي هريرة (٤).

وأجاب المخالفون: بأن قوله: (تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تُطلقني) ليس مرفوعًا بل هو قول أبي هريرة كما هو مصرَّح به هنا، وهو الراجح من طرق الحديث.

٤ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار».

٥ - عن أبي الزناد قال: سألتُ سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته أيفرق بينهما؟ قال: «نعم» قلتُ: سُنة؟ قال: «سُنة» (٥).


(١) «الدسوقي» (٢/ ٥١٨)، و «مغنى المحتاج» (٣/ ٤٤٢)، و «المغنى» (٧/ ٥٧٣)، و «الزاد» (٥/ ٥١١)، و «سبل السلام» (ص١١٧٠).
(٢) سورة البقرة: ٢٣١.
(٣) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٥٣٥٦)، وانظر: أحمد (٢/ ٥٢٤)، والدارقطني (٣/ ٢٩٦)، والبيهقي (٧/ ٤٧٠)، وابن حبان (٥/ ١٥٠).
(٥) إسناده صحيح: أخرجه سعيد بن منصور (٢٠٢٢)، وعبد الرزاق (٧/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>