للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنحو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فرَّ من المجذوف فرارك من الأسد» (١). ففيه إثبات الضرر بالجذام ونحوه، وهذا مما يمنع حصول حق الاستمتاع والله أعلم.

فائدة:

هذه العيوب ليست للحصر، وإنما هي للتمثيل، فيلحق بها كل ما كان في معناها أو زاد عليها، ويدخل في هذا ما يسمى بمرض «الإيدز» ونحوه، نسأل الله العافية من البلاء.

وقد اختار شيخ الإسلام أن تُرَّد المرأة بكل عيب ينفر عن كمال الاستمتاع، وقال ابن القيم: «والقياس: أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة، يوجب الخيار، وهو أولى من البيع كما أن الشروط المشترطة في النكاح أولى بالوفاء من شروط البيع، وما ألزم الله ورسوله مغرورًا قطُّ، ولا مغبونًا بما غُرَّ به وغُبن به، ومن تدبَّر مقاصد الشرع ومصادره وموارده وعدله وحكمته، وما اشتمل عليه من المصالح- لم يخفَ عليه رجحان هذا القول، وقربه من قواعد الشريعة» (٢) اهـ.

نوع الفرقة الحاصلة بالعيوب:

ذهب الحنفية والمالكية أن الفرقة للعيب طلاقٌ بائن، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها فسخ وليست طلاقًا (٣)، وهو الأقرب.

[٦] التفريق لعدم الإنفاق:

اتفق أهل العلم على وجوب النفقة للزوجة على زوجها بالعقد الصحيح ما لم تمتنع من التمكين، فإذا لم يقم الزوج بها - لغير مانع من الزوجة - فهل لها أن تطلب الفُرقة لذلك؟

الجواب: أن هذا الزوج لا يخلو من حالتين:

الأولى: أن يكون له مال ظاهر يمكن للزوجة أخذ نفقتها منه، بعلم الزوج أو الوصول بغير علمه (٤)، بنفسها أو أمر القاضي، فحينئذٍ ليس لها طلب التفريق، لوصولها إلى حقها بغير الفرقة فلا تمكَّن منها.


(١) صحيح: أخرجه البخاري.
(٢) «زاد المعاد» (٥/ ١٨٣).
(٣) «الموسوعة الفقهية» (٢٩/ ٧٦).
(٤) تقدم في «حقوق الزوجين» (أن للمرأة أن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف ولو بدون علم زوجها، والحديث فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>