للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقائل أن يأخذ بقول عمر ومن معه من الصحابة لأنه لا يصح خلافه عن أحد منهم، ويكون لهذا القول وجهه، ولآخر أن يقول: «آراء الصحابة إن هي إلا اجتهاد منهم، والذي نعتقده حقًّا هو أن مرجع الأمر للحاكم فله أن يقدر الوقت لها، وذلك يختلف باختلاف الأزمان، فإذا كان في عصر الصحابة مقدرًا بأربع سنين كما ذهب إليه أو حكم به عمر بن الخطاب، وهو إنما قاله بما كان له من سلطة الحكم، وعصرهم لم تكن فيه الأخبار سريعة التدوال بين البلدان، ومن الصعب وصول خبر من قُطر إلى آخر إلا بعد مدة طويلة، فقد يجوز في زماننا هذا أن يقدر الأجل بسنة واحدة ...» (١) وهذا اختيار العلامة أحمد شاكر، رحمه الله. قلت: ولهذا القول وجاهته لاسيما وقد تيسرت وسائل الاتصالات الحديثة، ولما فيه من رفع الضرر عن المرأة لاسيما في زمان الفتنة، فالذي يظهر أن المرأة إذا خشيت الفتنة ترفع أمرها إلى القاضي لينظر فيه فإن رأى المصلحة في فسخ النكاح فعل والله أعلم.

نوع الفرقة للفقد (٢):

إذا لم ترفع المرأة المفقود زوجها أو أحدٌ من ورثته أمره للقاضي، فهو حي في حق زوجته العمر كله بالاتفاق.

فإذا رفع إلى القاضي وقضى بموته انقضت الزوجية حكمًا من تاريخ حكم الوفاة، وبانت زوجته واعتدَّت للوفاة، وهي ببينونة وفاة لا بينونة طلاق أو فسخ.

إذا عاد المفقود بعد الحكم بالتفريق: فهذا له حالات ثلاث:

الأولى: أن يعود المفقود، وزوجته لم تتزوج: فهي امرأته بنكاحها الأول معه، ولا تحتاج إلى تجديد النكاح معه، لأننا إنما أبحنا لها الزواج، لأن الظاهر موت زوجها، فإذا بان حيًّا انخرم ذلك الظاهر، وكان النكاح بحاله، كما لو شهدت البيِّنة بموته ثم بان حيًّا (٣).

الثانية: أن يعود بعد أن تزوجت زوجته، وقبل دخول الثاني بها: فهي زوجة


(١) حاشية «الروضة الندية» (٢/ ٥٦).
(٢) «ابن عابدين» (٢/ ٦٥٦)، و «الدسوقي» (٢/ ٤٧٩)، و «مغنى المحتاج» (٣/ ٣٩٧)، و «المغنى» (٧/ ٤٨٩).
(٣) «الفتاوى الهندية» (٢/ ٣٠٠)، و «الدسوقي» (٢/ ٤٨٠)، و «المجموع» (١٦/ ٦١٦)، و «المغنى» (٧/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>