للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول كذلك عند الجمهور (مالك والشافعي واحمد) لأن نكاحها إنما صحَّ في الظاهر دون الباطن فإذا قدم المفقود تبيَّنا أن نكاح امرأته كان باطلًا، لأنه صادف امرأة ذات زوج، وليس على الثاني حينئذٍ مهر، لأنه فاسد لم يتصل به دخول (١).

الثالثة: أن يعود بعدما تزوجت زوجته ودخل الثاني بها:

فقد ثبت عن عمر وعثمان أنهما قضيا في المفقود «أن امرأته تتزوَّج، فإن جاء زوجها الأول خيِّر بين الصداق وبين امرأته» (٢).

وبه قال الحنابلة: فإن اختار المفقود زوجته فهي زوجته بالعقد الأول، لأن نكاحها من الثاني كان باطلًا، وإن اختار تركها فإنه يرجع على الثاني (أي: يأخذ منه) بصداقها، قيل: الذي كان دفعة لها أولًا - وهو قضاء الصحابة- وقيل يأخذ المهر الذي دفعه الثاني (!!) (٣).

واختار شيخ الإسلام أنها تكون زوجة الثاني ظاهرًا وباطنًا.

[٩] التفريق بإسلام أحد الزوجين أو وردَّته:

(أ) إذا أسلمت المرأة وزوجها كافر: فإنه يفرَّق بينهما لعدم جواز بقاء المسلمة تحت الكافر، قال الله تعالى: {فَإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٤).

واختلف أهل العلم في نوع هذه الفرقة وفي أثرها إذا أسلم زوجها بعد ذلك على ثلاثة أقوال:

الأول: تبيُن منه بمجرد إسلامها، فإن أسلم بعدها - ولو بلحظة - لزمه إن رضيت عقدَ جديد: وهو مذهب ابن عباس وعطاء وطاووس وفقهاء الكوفة (٥) وأبي ثور واختاره ابن المنذر وابن حزم وهو رواية عن أحمد وحجتهم:

١ - قوله تعالى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٦). فالإسلام سبب الفرقة، وما كان سببًا للفرقة تعقبه فرقة كالرضاع والخلع والطلاق.


(١) المراجع السابقة.
(٢) إسناده صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) «المغني» (٧/ ٤٩٢ - ٤٩٣).
(٤) سورة الممتحنة: ١٠.
(٥) وشرط أهل الكوفة أن يُعرض على زوجها الإسلام في تلك المدة فيمتنع، إن كانا معًا في دار الإسلام.
(٦) سورة الممتحنة: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>