للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجابوا عن أثر عمر مع جدة ابنه، بأنه ليس فيه تقديم لجنس نساء الأم على جنس نساء الأب في الحضانة، فعمر لم تكن له أمٌّ حتى يقال: إن أم مطلَّقته قدِّمت عليها في الحضانة.

قلت: الذي يظهر لي أن الخالة تُقدَّم على غيرها، لأنها بمنزلة الأم بالنصِّ، ثم يكون الترتيب بعد ذلك باعتبار الأرفق بالصغير والأخبر بتغذيته وحمله والأصبر على ذلك، لأن هذا هو المناط في تقديم النساء على الرجال في الحضانة، بصرف النظر عن كون الحاضنة من أقارب الرجل أو المرأة، والله أعلم بالصواب.

فائدة: إذا لم يكن للمحضونة من أحد من النساء المذكورات انتقلت الحضانة إلى الرجال على ترتيب العصبات الوارثين المحارم.

شروط استحقاق الحضانة (١):

اشترط الفقهاء في الحضانة شروطًا لا بد من توفرها، وإلا سقط حقها في الحضانة، فإليك هذه الشروط مع التعليق عليها:

١، ٢ - العقل والبلوغ: فلا حضانة لمعتوه أو مجنون أو صغير ولو كان مميزًا لأنهم في حاجة إلى من يتولى أمرهم ويحضنهم، فلا يتولوا أمر غيرهم.

٣ - اتفاق الحاضنة والمحضون في الدين: فلا حضانة لكافر على مسلم، لوجهين:

الأول: أن الحاضن حريص على تربية الطفل على دينه فيصعب على الطفل بعد ذلك أن يتحول عنه، وهذا أعظم ضرر يلحق بالطفل، وهو ما صرَّح به النبي - صلى الله عليه وسلم -حيث قال: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه» (٢) فلا يؤمَن على دين الطفل مع كون الحاضن كافرًا.

الثاني: أن الحضانة ولاية وقد قال تعالى: {ولَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (٣).ولذا جرى العمل على أنه إذا أسلم أحد الأبوين فالولد مع المسلم منهما، يشير إلى هذا حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كُنت أنا وأمي من المستضعفين: أنا من الوالدان وأمي من النساء» (٤) يعني: في الهجرة، قال


(١) «البدائع» (٤/ ٤١)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٧٥٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٧٩)، و «المعاد» (٥/ ٥٤٩)، وما بعدها و «أحكام الطفل» (ص ٢١٣).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٦٥٩٩)، ومسلم (٢٦٨٨).
(٣) سورة النساء: ١٤١.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (١٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>