للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الوصية - وهي تبرُّع - فعند ضيق التركة فلا شك أن أداء الدين مقدَّم عليها، لأنه فرض وهو أولى من التبرع.

وإنما قدِّمت الوصية في الذكر على الدين في قوله تعالى {مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (١) لأنها تشبهُ الميراث لكونها مأخوذة بلا عوض، فيشق إخراجها على الورثة، فكانت لذلك مظنة في التفريط فيها بخلاف الدين، فإن نفوسهم مطمئنة إلى أدائه، فقدم ذكرها حثًّا على أدائها، وتنبيهًا على أنها مثله في وجوب الأداء أو المسارعة إليه (٢).

٥ - تقسم باقي التركة على الورثة المستحقين: حسب الأنصبة المقدَّرة في كتاب الله، وهذا هو موضوع بحثنا.

ولما كان في مسائل المواريث من التشعُّب والتداخل وصعوبة الاستنباط - على غير الراسخين - واحتياجها إلى قد من المعرفة بعلوم الحساب، رأيت أن أسلك في بحثه مسلك الاختصار والتبسيط، دون التوسُّع والاستطراد في ذكر تفريعاته، مكتفيًا من القلادة بما أحاط بالعنق، محاولًا تركيز المعلومة في صورة جدول لبيان أنصبة المستحقين في الحالات المختلفة، مع إيراد القواعد الهامة التي ينبنى عليها توزيع التركة على الورثة، والتمثيل ببعض المسائل - أحيانًا - إعانة على فهمها.

أركان الإرث:

تقدم أن «الإرث» يطلق على المال الموروث، ويطلق كذلك على استحقاق الميراث وانتقاله إلى صاحبه، وعلى هذا فأركان الإرث ثلاثة، إن وجدت كلها تحققت الوراثة، وإن فقد ركن منها فلا إرث:

١ - المورِّث: وهو الميت أو الملحق به كالمفقود.

٢ - الوارث: وهو الحي بعد المورِّث، أو الملحق بالأحياء كالجنين.

٣ - الموروث (التركة): وهو ما تركه الميت من مال وغيره.

شروط الإرث (٣): يُشترط لحصول التوريث ثلاثة شروط تتعلق بالمورِّث والوارث وهذه الشروط هي:


(١) سورة النساء: ١١.
(٢) «شرح السراجية» (ص ٤، ٥).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٤٨٣)، و «العذب الفائض» (١/ ١٧ - ١٨) ط. الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>