للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(جـ) وقد أجمع علماء الأمة على وجوب إقامة الحدود على من ارتكب مسبباتها، ولم يخالف أحد في ذلك.

(ر) وأما المعقول: فلما كانت طبيعة البشر مائلة إلى اقتناص الملاذِّ، وتحصيل مقصودها، من شرب وزنا وقذف وسفك للدماء، اقتضت حكمة الله تعالى شرع هذه الحدود حسمًا للفساد، وزجرًا عن ارتكابه، لأن إخلاء المجتمع عن إقامة الرادع يؤدي إلى انحرافه، فالمقصد الأصلي من شرع الحدود الانزجار عما يتضرر به العباد (١).

فضل إقامة الحدود:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إقامةُ حدٍّ بأرض، خير لأهلها من مطر أربعين صباحًا» (٢) وهو مختلف فيه.

لا تجوز الشفاعة في الحدود:

لا تجوز الشفاعة في الحدود بعد وصولها للحاكم، والثبوت عنده؛ لأنه طلب ترك الواجب، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر على أسامة بن زيد - كما تقدم - حين شفع في المخزومية التي سرقت، وقال: «أتشفع في حد من حدود الله؟!» (٣).

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: «من حالت شفاعته دون حدٍّ من حدود

الله تعالى، فقد ضادَّ الله في خلقه» (٤).

وأما قبل الوصول إليه، فتجوز - عند الجمهور - الشفاعة عند الرافع له إلى الحاكم ليطلقه؛ لأن وجوب الحدِّ قبل ذلك لم يثبت، فالوجوب لا يثبت بمجرد الفعل (٥).


(١) «ابن عابدين» (٣/ ١٤٠)، و «فتح القدير» (٥/ ٣).
(٢) ضعيف: أخرجه ابن ماجة (٢٥٣٨)، والنسائي (٨/ ٧٥)، وأحمد (٢/ ٣٦٢ - ٤٠٢)، وابن حبان (٤٩٩٧ - ٤٣٩٨) وفي سنده اختلاف، لكن حسنه الألباني في «الصحيحة» (٢٣١) وفيه نظر.
(٣) صحيح: تقدم قريبًا.
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٥٩٧)، وأحمد (٢/ ٧٠)، وانظر «الإرواء» (٢٣١٨).
(٥) «ابن عابدين» (٣/ ١٤٠)، و «المواهب» (٦/ ٣٢٠)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٩٥)، و «المغني» (٨/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>