للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجزأ، واستُدل له بحديث المغيرة بن شعبة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح أسفل الخف وأعلاه» (١) وهو ضعيف بل الثابت عن المغيرة قوله: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على ظهر الخفين» (٢) فلا يكون المسح إلا على أعلى الخف فقط.

فإن اقتصر على باطن الخف دون أعلاه لم يجزئه المسح، والله أعلم.

ما يبطل به المسح على الخفين:

تقدم في حديث صفوان بن عسَّال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم» فعلم أن المسح على الخفين لا يصح إذا حدث أحد الأمور الآتية:

١ - الجنابة: وغيرها مما يوجب الغُسل، كالطهر من الحيض والنفاس.

٢ - انقضاء مدة المسح.

٣ - نزع الخف والإحداث قبل لبسه:

فإذا نزع خفَّه -ولو قبل انقضاء المدة- ثم أحدث، فلا يجوز أن يلبسه ويمسح عليه، لأنه حينئذ لم يدخل رجله على طهارة.

فإن حدث شيء من هذه الأمور الثلاثة لم يحل له أن يمسح على خفيه، وإنما يجب عليه إذا أحدث أن يتوضأ ويغسل رجليه ولابد، ثم يكون له أن يلبس خفيه ويمسح كما تقدم.

تنبيه: بطلان المسح لا يعني انتقاض الوضوء:

من كان يمسح على خفيه، ثم خلعهما، ولم يُحدث، فللعلماء في حكمه أربعة أقوال:

الأول: عليه أن يعيد الوضوء، وهو مذهب النخعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق (٣) والشافعي في القديم قالوا: لأن المسح أقيم مقام الغسل فإذا أزال الممسوح بطلب الطهارة في القدمين فتبطل جميعها لأنها لا تتجزأ.

الثاني: عليه أن يغسل قدميه فقط، وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور والقول الجديد للشافعي (٤).


(١) حسن: أخرجه أبو داود (١٦١)، والترمذي (٩٨) وغيرهما.
(٢) «اختلاف العلماء» (ص ٣١)، و «مسائل أحمد» لابن هانئ (١/ ١٩)، «المجموع» (١/ ٥٥٧).
(٣) «اختلاف العلماء» (ص ٣١)، و «الأوسط» (١/ ٤٥٨).
(٤) «المدونة» (١/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>