للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: القول بالجواز لا غبار عليه، إلا أن يدلَّ دليل على أن الطهارة لا تتبعَّض فيتَّجه المنع، وعلى كلٍّ الأحوط إدخالهما في الخفين بعد تمام الوضوء، والله أعلم.

هل يمسح على الخف المُخرَّق؟

اشترط أكثر الفقهاء لجواز المسح على الخف أن يكون ساترًا للمحل المفروض غسله في الوضوء، فمنعوا المسح على الخف المخرق لأنه يرى منه مواضع الوضوء التي فرضها الغسل، ولا يجتمع غسل ومسح، فغلب حكم الغسل، وهذا مذهب الشافعي وأحمد (١).

وقال مالك وأبو حنيفة: يجوز المسح على الخف المخرق ما دام المشي فيه ممكنًا واسمه باقيًا، وهو قول الثوري وإسحاق وأبي ثور وابن حزم واختاره ابن المنذر وابن تيمية (٢) وهو الصواب لأن الإذن بالمسح على الخفين عام يدخل فيه كل ما وقع عليه اسم الخف على ظاهر الأخبار ولا يستثنى خف دون خف إلا بدليل، ولو كان الخرق يمنع من المسح لبينه صلى الله عليه وسلم لا سيما مع كثرة فقراء الصحابة في عهده، والغالب أن لا تخلو خفافهم من الخروق.

محل المسح وصفته:

المشروع في المسح على الخفين أن يمسح ظاهرهما لا باطنهما مرة واحدة لحديث علي بن أبي طالب قال: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه» (٣).

وهذا مذهب الثوري والأوزاعي وأحمد وأبي حنيفة وأصحابه (٤) وهو الصواب.

وقال مالك والشافعي (٥): يمسح ظاهرهما وباطنهما، وإن اقتصر على أعلاه


(١) «المدونة» (١/ ٤٤)، و «المبسوط» (١/ ١٠٠)، و «الأوسط» (١/ ٤٤٩)، و «المحلى» (٢/ ١٠٠)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ١٧٣).
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (١٦٢)، والدارقطني (٧٣)، والبيهقي (٢/ ١١١)، وانظر «الإرواء» (١٠٣).
(٣) «اختلاف العلماء» (ص ٣٠)، و «مسائل أحمد» لابن هانئ (١/ ٢١)، و «الأوسط» (١/ ٤٥٣)، و «المحلى» (٢/ ١١١).
(٤) «نهاية المحتاج» (١/ ١٩١)، و «المدونة» (١/ ٣٩)، و «الخرشى» (١/ ١٧٧).
(٥) ضعيف أخرجه أبو داود (١٦٥)، والترمذي (٩٧)، وابن ماجه (٥٥٠)، وأحمد (٤/ ٢٥١) وأعلَّه أحمد والبخاري وأبو حاتم والدارقطني وابن حجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>