للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١ - التكليف (البلوغ، والعقل):

فلا خلاف بين الفقهاء في أن الحد لا يجب إلا على مكلَّف، وهو البالغ العاقل، فلا يُحدُّ الصغير ولا المجنون، ويؤيد هذا:

(أ) حديث ابن عباس قال: أُتي عمر بمجنونة قد زَنتْ فاستشار فيها أناسًا،

فأمر بها عمر أن تُرجم، فمر بها على عليِّ بن أبي طالب فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت، فأمر بها عمر أن ترجم، فقال: راجعوا بها، ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، أما علمت أن القلم قد رُفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل؟ قال: بلى، قال: فما بال هذه تُرجم؟ قال: لا شيء، قال: فأرْسِلْها، قال: فأَرْسَلَها، فجعل يكبِّر (١).

(ب) وفي حديث أبي هريرة - في قصة اعتراف ماعز بالزنا -: ... فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أبك جنون»؟ ... الحديث (٢).

فدلَّ على أنه لو كان به جنون ما أقام عليه الحدَّ.

٢ - الاختيار وعدم الإكراه:

فلا حدَّ على من أُكره على أمر من الأمور، قال الله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله} (٣).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (٤).

٣ - العلم بالتحريم:

فلا يجب إلا على من عُلِم التحريم، وبهذا قال عامة أهل العلم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - راجع ماعزًا فقال له: «هل تدري ما الزنا؟» (٥). وقد رُوي عن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - أنهما قالا: «لا حدَّ إلى على من علمه» (٦) وأسانيده ضعيفة.


(١) صحيح بطرقه: أخرجه أبو داود (٤٣٩٩)، وأحمد (١/ ١١٦) ومواضع، وله شاهد عن عائشة، وفي لفظ لأبي داود (٤٤٠١) أنه قال: أوما تذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رفع القلم عن ثلاثة ...».
(٢) صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) سورة النحل: ١٠٦.
(٤) صحيح: تقدم مرارًا.
(٥) ضعيف: أخرجه عبد الرزاق (٧/ ٣٢٢)، وعنه أبو داود (٤٤٢٨)، والنسائي في الكبرى (٧١٦٥)، وابن حبان (٤٣٩٩)، وفيه عنعنة أبي الزبير وهو مدلس.
(٦) انظر: «إرواء الغليل» للعلامة الألباني - رحمه الله - (٢٣١٤ - ٢٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>