للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: وقد يستدل لهم كذلك:

٢ - بحديث الغامدية لما جاءت فقالت: يا رسول الله، إني قد زنيت فطهرني، وأنه ردَّها، فلما كان من الغد، قالت: يا رسول الله، لم تردُّني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزًا، فوالله إني لحُبلى، قال: «أما الآن، فاذهبي حتى تلدي» فلما ولدت أتته

بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدتُ، قال: «اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه ...» الحديث (١).

وهو أصل تأخير الحد لعارض يترتب عليه مصلحة للمحدود، والله أعلم.

ولا شك أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وإقراره يقدَّم على فعل عمر وغيره، والله أعلم.

(ب) أن يكون مرضه مما لا يُرجى بُرؤه (٢): فيقام عليه الحدُّ في الحال، ولا يؤخَّر، فإن كان حدُّ مائة جلدة مثلاً، فإنه يقام عليه بسوط يؤمن معه التلف، فإن خيف عليه جُمع عُثكول فيه مائة شمراخ فيضرب به ضربة واحدة، وبه قال الشافعي.

وأنكره مالك؛ لأن هذه ضربة واحدة والله تعالى يقول: {فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} (٣).

وقول الشافعي أظهر، لحديث سعيد بن سعد بن عبادة - رضي الله عنه - قال: كان في أبياتنا رُويجل ضعيف، فخبث بأمة من إمائهم، فذكر ذلك سعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اضربوه حدَّهُ» فقالوا: يا رسول الله، إنه أضعف من ذلك، فقال: «خذوا عثكالًا فيه مائة شمراخ، ثم أضربوه به ضربة واحدة»، ففعلوا (٤).

فهذا في حال العذر أولى من ترك حدِّه بالكلية، وأولى من قتله بما لا يوجب القتل.

قلت:

وقد قال الله تعالى - في شأن أيوب عليه السلام لما أقسم أن يضرب امرأته مائة ضربة -: {وخذ بيدك ضغثًا فاضرب به ولا تحنث} (٥).


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٦٩٥).
(٢) انظر: «سبل السلام» (٤/ ١٢٨٣).
(٣) سورة النور: ٢.
(٤) فيه ضعف: أخرجه ابن ماجة (٢٥٧٤)، وأحمد (٥/ ٢٢٢)، وابن أبي عاصم في «الآحاد» (٢٠٢٤)، والطبراني في «الكبير» (٦/ ٦٣) وفيه عنعنه ابن إسحاق.
(٥) سورة ص: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>