للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: يجوز المسح على الجوربين مطلقًا ولو كانا رقيقين: وهو ظاهر مذهب ابن حزم وابن تيمية، واختاره ابن عثيمين والعلامة الشنقيطي (١)، وهو الراجح. واستدل أصحاب القولين الأخيرين على جواز المسح على الجوربين بما يلي:

١ - حديث المغيرة بن شعبة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين» (٢).

٢ - عن الأزرق بن قيس قال: «رأيت أنس بن مالك أحدث فغسل وجهه ويديه ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟ قال: إنهما خفان، ولكن من صوف» (٣).

فصرَّح أنس رضي الله عنه بأن الخف أعم من أن يكون من جلد، وهو صحابي من أهل اللغة.

٣ - أنه قد قال بالمسح على الجوربين من الصحابة أحد عشر صحابيًا منهم عمر وابنه عبد الله وعلي وابن مسعود وأنس وغيرهم، وليس لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعًا، ثم منع الجمهور المسح على الجوربين الرقيقين لأنهما غير ساترين لمحل الفرض، وقد تقدم أن هذا ليس بشرط -على التحقيق- قياسًا على الخف المخرق، ولأن غالب ما يلبس اليوم من الجوارب الرقيقة نسبيًّا، فاشتراط هذه الشروط يناقض مقصود الشارع من التوسعة بالتضييق والجرح، والله أعلم.

فائدة: يدخل في معنى الجورب: اللفائف التي تُلف على القدمين لعذر، فهذه يشق حلُّها، فله أن يمسح عليها كما اختاره شيخ الإسلام.

وأحكام المسح على الجوربين هي نفس أحكام المسح على الخفين.

إذا لبس جوربًا فوق جورب: هذا له حالات:

١ - إذا توضأ ثم لبس جوربين، فإن له -إذا أحدث- أن يمسح على الأعلى منهما، وهذا مذهب الحنفية والراجح عند المالكية والحنابلة والقول القديم للشافعي وخالفهم في الجديد (٤).


(١) صححه الألباني: أخرجه أبو داود (١٥٩)، والترمذي (٩٩)، وأحمد (٤/ ٢٥٢) وهو متكلم فيه، وانظر «الإرواء» (١٠١).
(٢) صححه أحمد شاكر: أخرجه الدولابي في «الكنى» (١/ ١٨١).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (١/ ١٧٩)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٢٤)، و «روضة الطالبين» (١/ ١٢٧)، وكلامهم هناك على الخفاف والحكم واحد.
(٤) وصرح بهذا الحنابلة كما في «كشاف القناع» (١/ ١١٧ - ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>